الأعمال الكاملة للكواكبي

دراسة وتحقيق الأعمال الكاملة لعبد الرحمن الكواكبي . من الكتاب: و هؤلاء الواهنة يحقّ لهم أن تُشقَّ عليهم مفارقةُ حالات ألفوها عمرهم، كما قد يألف الجسمُ السَّقمَ، فلا تلذّ له العافية. فإنهم منذ نعومة أظفارهم تعلّموا الأدب مع الكبير، يُقَبِّلُون يده أو ذيله أو رجله، وألفو الاحترام فلا يدوسون الكبير ولو داس رقابهم، وألفوا الثبات ثبات الأوتاد تحت المطارق، وألفوا الانقياد ولو إلى المهالك، وألفوا أن تكون وظيفتهم في الحياة دون النبات، ذاك يتطاول وهم يتقاصرون، ذاك يطلب السماء وهم يطلبون الأرض كأنهم للموت مشتاقون. أم القرى نحن ألِفنا الأدب مع الكبير ولو داسَ رقابَنا. ألِفنا أن نعتبرَ التَّصاغُرَ أدباً والتذلُّلَ لطفاً، والتملُّقَ فصاحةً، واللكنةَ رزانة، وترك َالحقوقِ سماحةً، وقبولَ الإهانةِ تواضعاً، والرِّضا بالظُّلم طاعة، ودعوى الاستحقاق غروراً، وحريَّةَ القول وقاحة، وحريّةَ الفكر كُفراً، وحبَّ الوطن جنوناً. فنرجو لكم أن تنشؤوا على غير ذلك. وأن تعلموا أنَّكم خُلِقتم أحراراً لتموتوا كراماً، فاجهدوا على أن تحيوا حياةً رضيّة، يتسنّى فيها لكلٍّ منكم أن يكونَ سلطاناً مستقِلاًّ في شؤونه لا يحكمُهُ غيرُ الحقّ، ومديناً وفيّاً لقومه لا يضنُّ عليهم بعينٍ أو عون، وولداً بارّاً لوطنه، لا يبخل عليه بجزءٍ من فكره ووقته وماله، ومحبَّاً للإنسانية ويعمل على أنَّ خيرَ النّاسِ أنفعَهُم للناس، يعلمُ أنَّ الحياةَ هي العمل، ووباءُ العملِ القنوط، والسعادةُ هي الأمل، ووباءُ الأمل التردد، ويفقه أنَّ القضاء والقدر هما عملٌ عظيم قد ابتدأ به فردٌ، ثمَّ تعاوَرَهُ غيرُهُ إلى أنْ كَمُلَ، وخيرُ الخير للإنسان أن يعيشَ حُرّاً مقداماً، أو يموت. طبائع الاستبداد

شارك الكتاب مع الآخرين

بيانات الكتاب

العنوان

الأعمال الكاملة للكواكبي

المؤلف

محمد جمال طحان

حجم الملفات

4.13 ميجا بايت

اللغة

العربية

نوع الملفات

PDF

الصفحات

505

الناشر

مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت 1995

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “الأعمال الكاملة للكواكبي”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *