المؤلف |
كانت |
---|
واضح أن كل محاولة تجرى في أروقة مجلس الأمن أو حتى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإيجاد حل ما لمعضلة تتعلق بالحروب الراهنة أو بالصراعات المحلية أو حتى بالنزاعات السياسية الدولية التي قد لا ترقى الى مرتبة الحروب، تطرح من جديدة مسألة العلاقات بين الأمم ورغبة الشعوب في السلام الدائم، والدور الذي يمكن أن يناط بـ «حكومة عالمية» مثل منظمة الأمم المتحدة. ذلك لأن هذه المنظمة تجد نفسها اليوم، ولا سيما أخيراً على ضوء ما يحدث في العراق وسورية وكذلك أوكرانيا وصولاً الى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي ومشتقاته، في وضعية لا سابق لها، إذ عليها -وربما للمرة الأولى حقاً في تاريخها الذي يزيد الآن عن ستة عقود من السنين- أن تلعب الدور الذي كانت أصلاً ولدت لتلعبه، هي التي ظلت طوال العقود الفائتة تدور من حوله. وهذا الدور ربما نجد جذور الحديث عنه في نص، سبق كل النصوص في تصوّره العملي والفكري والأخلاقي لمسألة السلام بين الأمم، ليس كأمنية طيبة، بل كمشروع عمل. وهذا النص الذي نشر للمرة الأولى قبل اكثر من قرنين من زماننا هذا، كتبه الفيلسوف التنويري الألماني إيمانويل كانط في العام 1895، أي على ضوء البعد الأممي الجديد والمفاجئ الذي كان صار للعالم إبان الثورة الفرنسية وما حملته من جديد، عملياً (أي دموياً ومن ثم بسبب عولمة الصراعات بين نابوليون والأوروبيين الآخرين)، وفكرياً (أي من خلال كتابات الذين أرهصوا بها). والنص الذي نعنيه هنا هو «مشروع لسلام دائم» الذي اعتبر واحداً من أقصر نصوص كانط، لكنه من اهمها وأكثرها ارتباطاً بالواقع العملي… ولعل شيئاً من الإنصاف جدير بأن يجعلنا نقرأ هذا النص مرات ومرات، لنكتشف كل مرة ان كانط يكاد يكون فيه المؤسس الحقيقي الرائد لعولمة العالم، سياسياً وأخلاقياً ايضاً.
المؤلف |
كانت |
---|