المؤلف |
مصطفى الشكعة |
---|
بالرغم من أن الإسلام قد شهد آلافا تلو الآلاف من العلماء العاملين والفقهاء المخلصين وكان هذا جيلا إثر جيل منذ الصحابة رضوان الله عليهم إلى يومنا هذا لم يمر على الناس زمان إلا وقائم لله على الناس بحجة. أقول: بالرغم من كل هذا فقد اشتهر عند الناس أربعة فقهاء ولد أولهم في أواخر القرن الأول وتوفي آخرهم قبل منتصف القرن الثالث أي أنهم عاشوا جميعا في حقبة واحدة تبلغ قرنا ونصف مائة وخمسين عاما فقط. فما السبب في شهرة الأئمة الأربعة؟ ولماذا انحصر أمر الفقه عند عامة الناس فيهم؟ وما موقف الأمة من هؤلاء الأئمة رحمهم الله ورضي عنهم؟ أول هؤلاء الأئمة مولدا هو الإمام النعمان بن ثابت والمكنى بأبي حنيفة رحمه الله. ولد سنة 80 هـ وتوفي سنة 150 هـ ونشأ بالكوفة واشتهر بالفقه والرأي حاول عمر بن هبيرة أمير العراق أن يوليه القضاء فامتنع ثم حاول معه أبو جعفر المنصور أن يتسلم القضاء فأبى فحبسه إلى أن توفي في حبسه. رحمه الله ورضي عنه. اكتسب عيشه بتجارة الخز وأمضى حياته معلما مرشدا في الكوفة وبغداد ورزقه الله مجموعة صالحة من التلاميذ والأتباع أخذوا العلم عنه ودونوا ما كتب كان منهم أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني وزفر بن الهذيل وأعظم ما اشتهر به الإمام أبو حنيفة إعمال الرأي والقياس وإقامة الحجة على رأيه وما يذهب إليه حتى ليقول عنه مالك الإمام الثاني: رأيت رجلا لو كلمته في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته والمعنى لو قلت له أثبت أن هذه السارية ذهبا لأتى بحجج يقنعك بها. وهذه مبالغة لوصف إقناعه وقوة حجته. وقال فيه الشافعي أيضا: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة وكان منهجه في درسه -رحمه الله- أن يجتمع بهم في المسجد ويلقي عليهم المسألة ثم يذهبون للبحث فيها ثم يجتمعون فيدلي كل منهم بدلوه ويقول رأيه ثم يكر الإمام على آرائهم النقد والتعديل أو الإبطال ثم يقول رأيه ويكتب تلاميذه وكثيرا ما نهاهم عن كتابة كل آرائه حيث يقول لتلميذه أبي يوسف: ويحك يا يعقوب لا تكتب عني كل ما أقول فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا ونقول القول غدا ونرجع عنه بعد غد هذا هو الامام الاول اما الثلاثة الاخرين وما لم نعرفه عن الامام الاول .فهذا هو ما صنع الكتاب من اجله.
المؤلف |
مصطفى الشكعة |
---|