المؤلف |
الشيرازى |
---|
شغلت الأحلام التي يتعرض لها الإنسان أثناء نومه اهتمام أبناء البشر منذ آلاف السنين وربما أكثر، ولا تزال حتى عصرنا الحاضر مدار بحث واستقصاء في مختلف الأوساط العلمية وغيرها، لمعرفة أسبابها وتحليلها وسبر أغوارها. فقد كان تصور الإنسان قديماً عن الأحلام على أنها تنبؤات بالمستقبل؛ أي أنهم نظروا إليها كأنها إخبار عن الحوادث المقبلة، وبصورة أخرى هو الشريط الذي يصل كثيراً بين ما يواجهه العالم من مشاكل وبين هدفه النهائي. وهناك من يعتقد بأن الحلم بهذا المعنى -بمعنى نبؤة المستقبل- يكون حديث خرافة ونوع من الغموض، لأنك لا تكاد تجد من الناس من لديه القدرة على معرفة أعماق نفسه في اليقظة، فكيف بالأحلام، فإن تحليل الأحلام مسألة أشد تعقيداً وغموضاً من ذلك، فتكون معرفة الأحلام في هذا التحليل فوق قدرة الناس، وعند الرجوع إلى نظريات بعض العلماء المختصين بهذا المجال نجد أنهم عالجوا المسألة بتصورات أخرى، فإن النظريات الحديثة ترى الأحلام على أنها فعالية لا شعورية، خارجة عن الحس والشعور، تبرز فيها الرغبات المكبوتة، والأفكار الكامنة، وكذلك الذكريات القديمة والبعيدة، وتأخذ سمة التشوش في حالة تشكلها حلماً. في حين نجد أن تصور الإسلام في الأحلام أعمق وأشمل وأدق من كل ذلك، حيث يقول: إن هناك أكثر من نمط ونوع للأحلام فمنها: أن ما يحدث به الإنسان نفسه يراه في منامه، أو هي بشارة من الله عزوجل، أو هي تحزين من الشيطان أو ما أشبه ذلك، وقد وردت آيات كريمة في القرآن، وروايات عديدة في باب الأحلام وأقسام الرؤيا، وعلى هذا الأساس ترى أن تصور الإسلام عن الأحلام دائرته أوسع في توضيح هذه الفعالية من تصور علماء العلم الحديث، وبهذا يكون الإسلام شامخاً -في إبراز سعته وشموله لكل مفردات الحياة والعلم- على مر الأجيال والعصور. وأثبت معجزته بأنه توصل قبل مئات السنين بما لم نحط به خبراً في الوقت الحاضر، ومنذ ذلك الوقت أعطى للأحلام المعالجة الحقيقية ذات سمة إلهية.
المؤلف |
الشيرازى |
---|