Search
Search

الحاضر غائباً/ تأملات في الزمان

نبذة عن كتاب الحاضر غائباً/ تأملات في الزمان

حين نقوم بجولة حول العالم، تدهشنا ناطحات السحاب في أمريكا، والأنفاق الفخمة في روسيا، وسور الصين العظيم، والأهرامات في مصر، وقلعة حلب. وإذا أتيحت لنا فسحة من التأمّل خلال تلك الجولة، نفكّر: كم من الوقت استغرق ذلك كلّه ؟ ولو أنّ الإنسان، قبل أن يقوم بأيٍّ من تلك الأعمال، فكّر بالوقت اللازم لإنجازها، لأُصيب بالإحباط قبل أن يصنع ماصنع . إنّ النّاس عندما يقومون بعمل ما، لايفكّرون بالزّمان، وإنّما يعملون فيه. والزّمان لا يشكّل موضوعاً رئيساً لدى الإنسان إلاّ بعد تجاوزه الأربعين، وشعوره بالانكسار. حينذاك، يتأزّم من أقلّ صدمة يواجهها في الواقع، فنراه يفكّر بوطأة الزّمان. إنّه يعيش لحظة الصدمة التي تفتح جراحه على ماضٍ طويل، عانى فيه من خيبات متتالية، تستدعي إلى الذّاكرة تاريخاً طويلاً من الآلام، ومن الصراع العنيف مع الحياة، عبر زمان يبدو مُغرِقاً في القِدَم، للإنسان الحزين. فإذا كان الكهل متفائلاً، يحاول الهروب من ماضيه المخيف، فيصفعه مستقبل يبدو ذا مساحة ضئيلة، وبالتّالي يوشك صاحبه أن يقتنع بانعدام الإمكانات التي يمكن أن تعيد التوازن إلى من أنهكته الحياة. وتزداد المرارة لدى من يعتقد بأنّ انحلال الجسد نهاية المطاف، ولا جدوى من تحمّل أمراض الشيخوخة، فيتعمّق إحساسه بعبثيّة الحياة، مما قد يدفعه إلى الانتحار تحت وطأة ثقل الزّمان – الذي يبدو، مع الألم، بغير حدود (Unlimited) فيعمد إلى قتله بالطريقة الوحيدة الممكنة: الانتحار… ذلك الفعل الذي يُعدم الزّمان الذّاتي في صاحبه. وإذا كان الموت موضوع قلق أساسي لدى من يفكّر بالانتحار، وقاوم الفكرة، فإنّه يزجّ بنفسه في حالة جحيميّة لاتنتهي، لأنّه يجزع من الموت الّذي يراه شيئاً يُحيل (الذّات) إلى (عدم) . أمّا المؤمن الذي يعتقد بالبعث أو بخلود الروح أو بالتقمّص، فإنّه يتفاءل بالمستقبل، عن طريق الموت الذي يعدّه الجسر إلى الأبديّة، به يعبر أدرانه إلى عالم ترفرف الرّوح فيه من غير ألم. وهناك يكتسب استمراراً آخر عبر زمان لاينتهي، أو عبر زمان يكتسب تجدّده باستمرار. وهذا هو الفرق الجوهري بين المؤمن بالبعث والملحد. كلٌّ منهما يعلم أنّه طارئ على الحياة، ولكنّ الثّاني يعتقد بأنّ روحه تفنى بفناء الجسد، والأوّل يثق بقدرته على التحلّي بالفضيلة استعداداً للتخلّص من أعباء الجسد، لينتقل من زمن تؤطّره الأيّام والسنون، إلى زمن مطلق لانهاية له… أي إلى زمن يفتقر إلى زمانيّته الدنيويّة بعد أن أُتيح له الدخول في عالم الأبديّة ( Eternity ) ؛ في انتظار ذلك، يحاول الإنسان تطوير مستوى حياته عبر الزّمان.

بيانات كتاب الحاضر غائباً/ تأملات في الزمان

العنوان

الحاضر غائباً/ تأملات في الزمان

المؤلف

د محمد جمال طحان

حجم الملفات

871.26 كيلو بايت

اللغة

العربية

نوع الملفات

PDF

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

کتب ذات صلة

روابط التحميل

الرابط المباشر

شارک مع الآخرین :