المؤلف |
أبيعزر ربتكسي |
---|
في السنوات الأخيرة كشفت في أوساط المجتمع الإسرائيلي خلافات تنمو وتتعاظم في قضايا الدين والدولة، القداسة والعلمانية، الشريعة والحرية، وفي قضايا التوجه الشخصي والجماعي كذلك. وفق وجهة النظر التي تتشكل بسرعة في الجدل الجماهيري، تظهر هذه الخلافات لتشكل بالضرورة وتكشف ميولاً واتجاهات لانقسام ثقافي وانتقادات للهوية الجماعية التي تهدد بتقويض الأسس الجوهرية للصهيونية التقليدية إلى جانب النواة الإسرائيلية التي نبتت وتفتحت منها. هذا التوجه الانتقادي تتجلى أيضا في المرحلة الأخيرة بشكل صريح في أكثر من موقع وجلسة معينة حيث الجميع يتحدثون عن انقطاع في التحديث والذي يمكن وصفه أحيانا ما قبل الصهيوني للمبادئ وأسس الوفاق الاجتماعي في إسرائيل. في هذه الورقة أحاول النصح بالنظر بطريقة أخرى في المواضيع ذاتها، حيث التنافس الحالي بين المتدينين والعلمانيين، الذي لا يوضح مسارات تقويض وانقسام فقط و إنما له دلالات أخرى للتحرر الاجتماعي والتعددية الثقافية. أولاً: إن بداية الوضع الراهن، السياسي والاجتماعي بين المتدينين والعلمانيين في إسرائيل يقوم في هذه اللحظة على الفرضية العظيمة المشتركة التي قبلت من قبل جانبي المتراس أن المعسكر المعادي يتقلص ويقل ويضمحل، وربما سينتهي من العالم وإلى الأبد، ورغم ذلك فإن المواجهة الحالية بين المعسكرات تبرز تطورات وتنامي وعي جديد بموجبه يبدو الآخر ممثلاً ظاهرة مستقرة وحية لها استمرارية وسيكون لها أبناء وأحفاد. ثانياً: الصراع الحالي يكشف أيضا انتقادات على النموذج الوحيد والسائد للإسرائيلي الأصيل كما شاع في الماضي لكن فجأة ورغم ذلك سيتيح الفرصة للمجموعات التي كانت هامشية (شرقيون، متدينون، تحريفيون) إلى صدر المسرح الاجتماعي في إسرائيل. ثالثاً: خلافات كثيرة في موضوع الدين والدولة تنبع اليوم من الحقيقة أن الأعداء التاريخيين الأكثر صلابة للصهيونية السياسية (متدينون من هنا و إصلاحيون من هناك) تعايشوا لفترة في المسار الواقعي، رغم أنهم كانوا يتصارعون في لحظات مرة، ويتساءلون: ماذا سيكون عليه شكل الدولة الصهيونية وماذا ستطرح من قوانين في مسألة الهوية اليهودية؟ ونتيجة لذلك.. فان دولة إسرائيل لا تبرز فقط نجاح رؤيا يهودية واحدة، و إنما نشأت ساحة واسعة ومقنعة لصراع على مستقبل اليهود واليهودية. أنا لم آت لإنكار أنه في جميع هذه المسارات (التوجيهات) يبرز خطر ملموس للاعتراض والانقسام ، ولكن في نفس الوقت برأيي أن أطرح جذور الصراع الاجتماعي بكل خطورته، وعلى الرغم من ادعائي، هذه المظاهر هي نتاج بؤر جديدة للتضامن والإسناد وتقدم وطن للأقليات التي همشت أنها تخفي، بإيجابية نبتات محتملة لتطور مجتمع متعدد الأبعاد يمثل بشكل جوهري حجم الورطة المستقبلية لليهودية المعاصرة. هذه الفكرة ضمنها الكتاب تحت عنوانالصراع الثقافي في إسرائيل.
المؤلف |
أبيعزر ربتكسي |
---|