المؤلف |
جمال الدين العلوى |
---|
يتكون هذا الكتاب من أربع مقالات، هي بمثابة أجواء للكتاب. وكما هو معلوم فقد ترك ابن رشد شرحين لهذا الكتاب: أحدهما جوامع الآثار العلوية طبعة حيدر آباد بالهند، وثانيهما تلخيص الآثار العلوية الموجود بين أيدينا اليوم. وكتاب الآثار العلوية يأتي في المرتبة الرابعة ضمن المنظومة الطبيعية الأرسطية، أي بعد السماع الطبيعي والسماء والعالم والكون والفساد. وكما هو واضح من العنوان فالأمر يتعلق بالظواهر الفيزيائية التي تحدث في الغلاف الجوي، مثل الرياح والبرق والرعد والأمطار والثلوج والبرد وقوس قزح… الخ، التي لا يزال كتاب أرسطو يحملها. قبل تحقيق كتاب التلخيص لم نكن نملك سوى الجوامع الصغار كما يسميها ابن رشد. لأن تلخيص الآثار العلوية هو كتاب مفقود في أصله العربي، ويوجد فقط في نص عبري. ومن هنا إمكانية تصور مدى الجهد الذي قام به المحقق: فبالإضافة إلى نقل النص من الحرف العبري إلى الحرف العربي مع ما يستدعيه ذلك من مقابلة النسختين المعتمدتين في إخراج المخطوط، بذل الأستاذ جمال الدين العلوي مجهوداً ثانياً هو مقابلة النص الرشدي بالترجمة العربية لكتاب أرسطو الذي حققه الباحث -الليتواني الأصل- كازيمير بترايتس Casimir Pétraitis. كما تمت المقابلة بين التلخيص والجوامع، مع إشارات إلى بعض الإشكالات المعرفية التي لم تجد تفسيرها بعد ضمن المسار الفكري لابن رشد. يضاف إلى هذا كله حالة المعاناة مع المرض، التي وسمت الجهد المضاعف بصبر نادر. يمثل كتاب تلخيص الآثار العلوية إحدى المناسبات التي تفصح عن إعلان المشروع الرشدي، أي الانتصار الواضح للأرسطية. فالتلاخيص جاءت لفتح طريق إصلاح الفلسفة، بما يميز هذا الطريق من جدة عز مثلها في التقليد الفلسفي الإسلامي كما لاحظ الأستاذ جمال الدين ذلك في المتن الرشدي. فهذا النوع من التأليف الذي توصل إليه ابن رشد في التلاخيص ليس له نظير عند فلاسفة الإسلام سواء عند ابن باجة في الغرب أو عند ابن سينا في المشرق، إذا اقتصرنا على هذين النموذجين، نظراً لكون مؤلفات الفارابي الطبيعية لم تصل إلينا، ونظرا لكون مؤلفات ابن طفيل لم تسر في هذا الاتجاه.
المؤلف |
جمال الدين العلوى |
---|