المؤلف |
د. صالح يوسف معتوق |
---|
لم يتأخر اهتمام المرأة المسلمة بالحديث الشريف كثيراً عن الرجل، إذ كانت تسمع معه الحديث في المجالس العلمية التي كان يعقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعليم أمته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على أن تصل كلمته إلى المرأة فتسمع حديثه، وإذا ما ظن أن صوته لم يصل إليها، لبعد مجلسها الكائن خلف مجالس الرجال، خرج إلى جماعة النسوة وأعاد عندهن الموعظة. كان من حرص المرأة على سماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طلبت منه أن يخصص للنساء يوماً يعلمهن فيه دون الرجال. ولم تكتف المرأة بهذه المجالس لعلمية، فكانت، أحياناً، تأتي منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفيد منه، وتتعلم بعض الأمور الخاصة بها، ولم يحل الحياء بينها وبين هذا العلم، حتى قالت السيدة عائشة رضي الله عنه: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. ومنذ ذلك الحين كان للنساء دور بارز في سماع الحديث، ثم في روايته وتبليغه، ولم يخل بعد ذلك عصر من وجود الروايات المسندات. والمطلع على كتب رواة الحديث وكتب التراجم، يجد فيها عدداً لا بأس به، من المحدثات اللاتي سمعن الحديث وروينه، وأخذ عنهن كبار الحفاظ والمسندين. وقد امتد اهتمام النساء بالحديث وروايته إلى القرون اللاحقة، امتدت إلى القرن الثامن وهذا يعني أن جهود المرأة الحديثية في القرن الثامن، الذي هو موضوع البحث في هذا الكتاب، لم تكن بدعاً، وإنما هو امتداد لجهودها منذ القرن الأول. هذا وقد فاقت العناية بعلم الحديث في القرن الثامن الهجري سائر العلوم، ولم يشذ نشاط المرأة العلمي والحديثي في هذا القرن عن نشاط الرجل، فإن جل النساء اللاتي ترجم لهن في المائة الثامنة كان لهن عناية بعلم الحديث. ومن خلال هذا الكتاب يحاول المؤلف إلقاء الضوء على دور النساء في هذا العلم لذاك القرن. الثامن الهجري. وأما عن سبب اختياره لهذا القرن، فهو راجع لما عرف فيه من أعلام نساء كنّ شيخات لعدد من كبار حفاظ ومحدثي العصر المملوكي. ومن أهم المصادر التي رجع إليها الباحث في عمله هذا، كتاب الوفيات لابن رافع السلامي، والعقد الثمين للفاسي، والعبر وذيوله، وشذرات الذهب لابن العماد، ثم أعلام النساء للكحالة. وقد قام المؤلف بتقسيم موضوعه هذا على النحو التالي: المقدمة وفيها أهمية البحث، وسبب اختياره، وكلمة في مصادره وبيان خطته. التمهيد وشملت إطلالة على القرن الثامن الهجري وفيه عدة مباحث؛ الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية بالإضافة إلى نبذة عن جهود الرجل الحديثية وجهود المرأة العلمية والاجتماعية والدينية في القرن الثامن. تبع ذلك فصل أول دار حول نشاط المرأة في رواية الحديث ثم فصل ثانٍ تمّ فيه التعريف بكبار محدثات القرن الثامن، وبيان جهودهن الحديثية، مرتبات حسب تواريخ وفاتهن. وأخيراً ضمن المؤلف الخاتمة أهم نتائج البحث.
المؤلف |
د. صالح يوسف معتوق |
---|