المؤلف |
حامد عبد الصمد |
---|
كانت آثار رياح الخماسين لا تزال واضحة عند الأفق وتحجب قرص الشمس خلفها. غطت العاصفة قريتنا لليوم الثانى على التوالى بالرمال. كل شئ بدا مهزوما.. فانيا.. مقبورا.. كان جوا أسطوريا يتوافق مع مشاعرى ويليق بيوم الوداع. ولكن لا شئ ولا أحد كان يشعر بالخوف الغاضب الذى تملكنى وأنا أبدأ أول خطوات طريقى إلى المجهول. سارت السيارة ببطء وراحت تبعدنى تدريجيا عن مسقط رأسى ومقبرة أحزانى. مررت على حقل الموز الذى كنت أزوره أيام مراهقتى. وأتخطى فيه حدود المسموح. مررت على النيل الذى بدا هادئا.. رغم شدة الرياح. نظرت إلى النهر الصامت وقرأت على صفحته قصته التى هى قصتى: قصة ملك لا يملك ومعبود لا يعبد.. قصة أسد مخصى محبوس خلف سد عال, فصار بلا طمى ولا فيضان. وبعد قليل استقبلتنا القاهرة بضبابها وسحابتها السوداء. ولكن الزحام القاهرى لم يكن بالحدة المعهودة, وكأن عاصمة بلادى كانت تريد أن تطردنى بأسرع ما يمكن.
المؤلف |
حامد عبد الصمد |
---|