مخطوطة – مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث

عنوان المخطوط: مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث ( ).
المؤلف: عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى، الشهرزوري، الموصلي، الشافعي، تقي الدين، أبو عمرو، ابن الصلاح ت 643 هـ/ 1245م ( ).
عدد الأوراق: 223، المقاييس: 207 × 147 ـ 155 × 096، عدد الأسطر: (17).
أوله: بسم الله الرحمن الرحيم، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ من أمرنا رشداً، الحمدُ لله الهادي مَن استهداه، الواقي مَن اتّقاه، الكافي من تحرّى رضاه، حمداً بالِغاً أمَدَ التَّمامِ ومُنتهاه، والصلاةُ والسلام الأتَمّان الأكملان على نَبِيِّنا والنبيين، وآلِ كُلٍّ ما رَجَا رَاجٍ مغفرَتَهُ ورَحْمَاه، آمين. هذا: وإن عِلم الحديث من أفضل العلوم الفاضلة، وأنفع الفنون النافعةِ، يُحِبُّهُ ذُكورُ الرجالِ وفُحولُهُم ويُعْنَىْ بِهِ مُحَقِّقُو العُلماء وكَمَلَتُهُم ولا يكرهُهُ مِنَ الناسِ إلّا رُذَالَتُهُم وسَفَلَتُهُم. وهو مِن أكثر العلومِ تَوَلُّجاً في فُنونِها لا سِيَّما الفِقْهِ الذي هو إنسانُ عُيُونِها. ولذلك كَثُرَ غلَطُ العَاطِلينَ مِنه مِن مُصَنِّفِي الفُقهاءِ، وظهَرَ الْخَلَلُ في كلامِ الْمُخِلِّينَ بِهِ مِن العُلماء، ولقد كان شأنُ الحديثِ وَحَمَلَتِهِ؛ فيما مضَى عَظِيماً، عَظِيمَةً جُمُوعُ طَلَبَتِهِ، رفيعةً مقاديرُ حُفَّاظِهِ. وكانت عُلُومُهُ بِحياتِهم حَيَّةً، وأفنانُ فُنُونِهِ بِبَقائِهِم غَضَّةً، ومَغَانِيْهِ بِأهْلِهِ آهِلَةً، فَلَمْ يَزالُوا في انْقِرَاضٍ، ولم يَزَلْ في انْدِرَاسٍ حَتَّى آضَتْ بِهِ الحالُ إلى أنْ صارَ أهْلُهُ إِنَّمَا هُمْ شرذمَةٌ قليلةُ العَدَدِ، ضعيفةُ العُدَدِ، لا تُعْنَى على الأغْلَبِ في تَحَمُّلِهِ بِأكْثَر مِنْ سَمَاعِهِ غُفْلاً، ولا تَتَعَنَّىْ فِي تَقْيِيْدِهِ بِأكثر مِنْ كِتابَتِهِ عُطْلاً مُطَّرِحِيْنَ عُلُوْمَهُ التي بِها جَلَّ قَدْرُهُ، مُباعِدِيْنَ مَعارِفَهُ التي بِها فُخِّمَ أَمْرُهُ. فَحِيْنَ كادَ الباحِثُ عن مُشْكِلِهِ لا يُلفي له كاشِفاً، والسائِلُ عن عِلْمِهِ لا يَلْقَى بِهِ عَارِفاً؛ مَنَّ اللهُ الكريْمُ تباركَ وتعالى؛ وَلَهُ الحمْدُ أنْ أَجْمَعَ بِكتابِ معرفةِ أنواعِ عِلْمِ الحديثِ هذا؛ الذي باحَ بأَسْرَارِهِ الْخَفِيَّةِ، وكَشَفَ عن مُشكلاتِهِ الأبِيَّةِ، وأحْكَمَ مَعاقِدَهُ، وقَعَّدَ قواعِدَهُ وأنارَ مَعَالِمَهُ وبَيَّنَ أحكامَهُ وفصَّلَ أقسامَهُ، وأوضَحَ أُصُولَهُ، وشَرَحَ فُرُوعَهُ وفُصُولَهَ، وجَمَعَ شَتاتَ عُلومِهِ وفوائِدِهِ وقَنَصَ شَوَارِدَ نُكَتِهِ وفرائِدِهِ. فاللهَ العظيمُ الذي بيدِهِ الضَّرُّ والنَّفْعُ والإعطاءُ والْمَنْعُ أَسأَلُ، وإليهِ أتضرَّعُ وأبتهِلُ مُتوسِّلاً إليهِ بِكُلِّ وَسِيْلَةٍ، مُتشفِّعاً إليهِ بكلِّ شَفِيْعٍ أنْ يجعلَهُ مَلِياً بذلِكَ، وآمِلاً وافياً بكلِّ ذلك وأوفى. وأنْ يُعْظِمَ الأجْرَ والنفعَ بِهِ في الدَّارَيْنِ إنَّهُ قريبٌ مُجيبٌ. وما توفيقي إلّا بالله، عليه توكَّلتُ وإليهِ أُنيبُ. وهذه فهرسَةُ أنواعِهِ، فالأوَّلُ منها: معرِفَةُ الصَّحيحِ مِنَ الحديثِ…
آخره:… النوع الخامسُ والستون: معرفةُ أوطانِ الرُّواةِ وبُلدانِهم، وذلك مما يفتقِر حُفَّاظُ الحديث إلى معرفتِهِ في كثيرٍ من تصرُّفاتِهم، ومن مَظانِّ ذِكرهِ الطَّبقاتُ لابن سعدٍ. وقد كانت العَرَبُ إنَّما تَنْتَسِبُ إلى قبائِلِها، فلما جاء الإِسْلام، وغَلَبَ عَليهِم سُكنى القُرى والمدائن حَدَثَ فيما بَيْنَهُم الانتسابُ إلى الأوطانِ كما كانت الْعَجَمُ تَنتسِبُ، وأضاعَ كثيرٌ مِنهم أنسابَهُم، فلم يَبْقَ لَهُم غيرُ الانتسابِ إلى أوطانِهم. ومَن كان مِن الناقِلَةِ مِن بلدٍ إلى بلدٍ وأرادَ الْجَمْعَ بَينَهُما في الانتسابِ فَليبدأْ بِالأوَّلِ ثم بالثاني الْمُنْتَقِلِ إليهِ، وحَسُنَ أنْ يُدْخِلَ على الثاني كَلِمَةَ ثُمَّ، فيُقالُ في الناقِلَةِ مِن مِصْرَ إلى دِمَشْقَ مَثلاً: فُلان الْمِصْرِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، ومَن كان مِن أهلِ قريةٍ من قُرىْ بلدةٍ: فَجَائِز أنْ ينتسِبَ إلى القريةِ وإلى البلدَةِ أيضاً وإلى الناحِية التي مِنها تلكَ البلدَةُ أيضاً… المغيرةُ بنُ شُعبةَ وَوَرَّادٌ وعَبْدَةُ كُوفِيُّونَ، وابنُ جُريجٍ مَكِّيٌّ، وعبدُ الرزاق صَنْعَانِيٌّ يَمَانٍ، وعبدُ الرحمنِ بن بشرٍ فَشَيْخُنَا، ومَنْ بَينَهُما أجْمَعُونَ نَيْسَابُوْرِيُّوْنَ. وللهِ سُبحانه الحمدُ الأتَمُّ على ما أسبَغَ مِن إِفضالِهِ، والصلاةُ والسلامُ الأفضلانِ على سَيِّدِنا محمد وآلِهِ وعلى سَائِرِ النبيين، وآلِ كُلٍّ، نِهايةَ ما يسألُ السائلونَ، وغايَةَ ما يأمُلُ الآمِلونَ. آمين آمين آمين.
كَتَبَهُ يوسُفُ بنُ محمد بن عبد اللهِ الشافعي غَفَرَ اللهُ لَهُ ولِوالديه برحمة.
ملاحظات: مخطوطة خزائنية نفيسة مضبوطة نادرة سمعها العلماء، وعليها سماعاتهم، حيثُ توجد في أوله سماعات بعضها غير واضح، ومنها:
سماع ابن رافع
فرغه سماعاً محمد بن رافع بن أبي محمد ( ).
سماع ابن بدران
فرغه سماعاً الفقير إلى رحمة ربه الجليل خليل بن بدران (بن خليل) الحلبي
سماع ابن ايبك الدمياطي
الواثق بالله أحمد بن أيبك بن عبد الله ( ).
سماع ابن عبد الجليل والخويي
سمع جميع هذا الكتاب على مؤلفه شيخنا… وناصر السنة، قدوة العلماء تقي الدين أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى ابن الصلاح رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة مثواه ومأواه… العالم الفاضل جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الجليل بن… به وبسائر العلوم، وختم له بالخير آمين. سمع مع جماعة منهم… بن أحمد بن الخليل بن سعادة الخويي ( )، غفر الله له… سنة…
سماع الكرجي وابن المهتار وابن رافع وولده محمد
سمع الكتاب كله على مؤلفه الشيخ الإمام تقي الدين أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح بقراءة فخر الدين أبي حفص عمر بن يحيى بن عمر الكرجي ( )، ويوسف بن محمد بن عبد الله الشافعي ( )، وابنه محمد ( ) في الخامسة، وآخرون في مجالس آخرها يوم السبت الخامس والعشرين من شعبان سنة إحدى وأربعين وستّمائة بدار الحديث الأشرفية. لخّصه رافع بن أبي محمد ( ) من خط الشيخ علي الموصلي ( ).
… التميمي مع جماعة آخرين أسماؤهم… وصح لهم ذلك في مجالس ثلاثة آخرها يوم السبت خامس شهر رمضان سنة ست وثلاثين وستمائة بمدرسة ابن رواحة ( ) بدمشق نقله كاتب هذه الطبقة العبد الفقير محمد بن يحيى بن عمر الكرجي الشافعي عفا الله عنه. وأجاز السمع لصاحب الكتاب والباقين ما يجوز له روايته، وتلفّظ بذلك…
سماع وإجازة رزين الشافعي والتوزري
الورقة الرابعة/ آ: بلغت سماعاً بجميع هذا الكتاب، وهو معرفة أنواع علم الحديث تأليف قدوة العلماء تقي الدين أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح قدس الله روحه على سيدنا وشيخنا الإمام العالم العامل قاضي قضاة المسلمين جامع أشتات الفضائل حجة الإِسْلام والمسلمين، مفتي الأنام، بقية السلف الصالح تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الإمام العالم عفيف الدين أبي علي الحسين بن الإمام أبي البركات رزين ( ) الشافعي، رضي الله عنه، ونفعنا ببركته، بحق سماعه له من مؤلفه المذكور، وذلك بقراءة الفقيه المحدث فخر الدين أبي عمرو عثمان بن محمد بن عثمان التوزري ( ) وسمع معي جماعة منهم والدي نور الدين أبو الحسن علي بن عمر بن… وكتب ذلك عبد الله، وهذا خطه، وأجاز لنا المسمع رضي الله عنه جميع مروياته، وصح ذلك بالمدرسة الظاهرية في مجالس آخرها يوم الأحد مُستهلّ جمادى الأولى سنة سبعين وستمائة، والحمد لله وحده.
صحّ له ذلك، وأجزتُ له روايته عني، وجميع ما تجوز روايته عني، بلّغه الله… ونفعنا بالعلم، ووفقه للعمل به، كتبه محمد بن الحسين رزين الشافعي.
ومكتوب في آخر المخطوط أيضاً:
سماع وعرض
بلغ سماعاً وعرضاً في المجلس ثلاثين ولله الحمد.
سماع وإجازة السلامي والمهتار والمزي
محمد بن المهتار أبقاه الله بحضوره الخامسة على مصنفه منه… فسمعه كاملاً ولدي محمد، وابنا أخي عز الدين محمد، وعبد الرحمن، ابنا نصر الله بن أبي محمد، وآخرون بقراءتي، وصح ذلك في مجالس تسعة آخرها العاشر من بينهم في صفر سنة أربع عشرة وسبعمائة 714 هـ، بمنزل المسمع؛ بظاهر دمشق؛ خارج باب الفراديس، وأجاز للجماعة جميع ما يرويه بسؤالي.
كتبه رافع بن أبي محمد بن محمد بن شافع السلاميّ، حامدا مصليا على نبيه وآله وصحبه مسلما، وسمع الميعاد الأول والثاني والثالث عز الدين بن محمد، الحافظ جمال الدين يوسف المزي، وابن أخيه عمر، وسمع الأول والثاني زين الدين محمد بن محمد بن إبراهيم الليثي، وآخره القاضي علاء الدين علي بن محمد، وسمع الأول شافع بن محمد وابنه علي. كتبه رافع بن أبي محمد بن محمد السلامي.
سماع ابن الظهيرالإربلي وابن مطروح على ابن الصلاح:
سمع هذا الكتاب على مؤلفه شيخنا وشيخ الإِسْلام والمسلمين، صدر الحفاظ، مفتي الفرق، قدوة العلماء تقي الدين أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن عُرفَ بابن الصلاح قدس الله روحه وضريحه: الشيخ الإمام العالم الفاضل الكامل الزاهد الورع محب الدين محمد ابن الشيخ الإمام العالم العامل ظهير الدين أحمد بن عمر بن أحمد الحنفي الإربلي ( )؛ نفعه الله به وبسائر العلوم الدينية… وسمع معه جماعة كثيرون أسماؤهم مثبتة في أصل الشيخ المصنف، منهم: الصاحب جمال الدين أبو الحسن يحيى بن عيسى بن مطروح ( ) وولده الأسعد فخر الدين أبو المظفر يوسف، وختنه عز الدين أبو الحسن علي بن علم الدين غياث الدين جي (…) والشيخ المدرس شمس الدين عبد الصمد أخو صاحب الكتاب بفواتٍ له، وصحّ لهم ذلك، وثبت في مجلسين آخرهما يوم السبت السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وستمائة بقراءة العبد الفقير عمر بن يحيى بن عمر الكرجي، عفا الله. ونقل من خطه إلى هذه النسخة من أصل الشيخ المصنف في يوم الأحد تاسع شهر ربيع الأول من سنة ست وثلاثين وستمائة والحمد لله أولاً وآخراً.
سماع وتصحيح على ابن الصلاح
مكتوب في آخر المخطوط ما نصّه: صحّح هذا الكتاب على مؤلفه شيخنا قدوة العلماء تقي الدين أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن الصلاح رضي الله عنه (…) العالم الفاضل جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الجليل بن… الناسخ: يوسف بن محمد بن عبد الله.
الوضع العام: توجد في آخره صفحتان من السماعات على المؤلف وتلاميذه منقولة من الأصل الخاص بالشيخ القاضي تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رزين بسماعه من المؤلف ابن الصلاح سنة 636 هـ بدار الحديث الأشرفية، وسماعات في المدرسة الظاهرية سنة 670 هـ، وسماعات بخط أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي. خطّ النَّسْخ الواضح المضبوط بالحركات، وتوجد على الهوامش تصحيحات وتعليقات ومعارضات وسماعات ومقابلات على عدد من الشيوخ بإسنادهم إلى المؤلف. والعناوين مميزة بالأحمر أو بخطوط ضخمة. والغلاف جلد عثماني مذهب أحمر اللون تتوسطه شمسية مذهبة ومبطن من الداخل بورق الإيبرو، وعَليه تملّك محمد بن إبراهيم السلمي، وتملك أبي بكر رستم بن أحمد الشرواني ( )، وتملك محمود الحنفي، وقف الصدر الأعظم محمد راغب پاشا. رقم السي دي: 47758.

رمز المنتج: mrgp295 التصنيفات: , الوسم:
شارك الكتاب مع الآخرين

بيانات الكتاب

العنوان

مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث

المؤلف

عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى، الشهرزوري، الموصلي، الشافعي، تقي الدين، أبو عمرو، ابن الصلاح ت 643 هـ/ 1245م

رقم المخطوطة

243

عدد الأوراق

223

عدد الأسطر

17

الناسخ

يوسف بن محمد بن عبد الله

المقاييس

207 × 147 ـ 155 × 096

أوله

بسم الله الرحمن الرحيم، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ من أمرنا رشداً، الحمدُ لله الهادي مَن استهداه، الواقي مَن اتّقاه، الكافي من تحرّى رضاه، حمداً بالِغاً أمَدَ التَّمامِ ومُنتهاه، والصلاةُ والسلام الأتَمّان الأكملان على نَبِيِّنا والنبيين، وآلِ كُلٍّ ما رَجَا رَاجٍ مغفرَتَهُ ورَحْمَاه، آمين. هذا: وإن عِلم الحديث من أفضل العلوم الفاضلة، وأنفع الفنون النافعةِ، يُحِبُّهُ ذُكورُ الرجالِ وفُحولُهُم ويُعْنَىْ بِهِ مُحَقِّقُو العُلماء وكَمَلَتُهُم ولا يكرهُهُ مِنَ الناسِ إلّا رُذَالَتُهُم وسَفَلَتُهُم. وهو مِن أكثر العلومِ تَوَلُّجاً في فُنونِها لا سِيَّما الفِقْهِ الذي هو إنسانُ عُيُونِها. ولذلك كَثُرَ غلَطُ العَاطِلينَ مِنه مِن مُصَنِّفِي الفُقهاءِ، وظهَرَ الْخَلَلُ في كلامِ الْمُخِلِّينَ بِهِ مِن العُلماء، ولقد كان شأنُ الحديثِ وَحَمَلَتِهِ؛ فيما مضَى عَظِيماً، عَظِيمَةً جُمُوعُ طَلَبَتِهِ، رفيعةً مقاديرُ حُفَّاظِهِ. وكانت عُلُومُهُ بِحياتِهم حَيَّةً، وأفنانُ فُنُونِهِ بِبَقائِهِم غَضَّةً، ومَغَانِيْهِ بِأهْلِهِ آهِلَةً، فَلَمْ يَزالُوا في انْقِرَاضٍ، ولم يَزَلْ في انْدِرَاسٍ حَتَّى آضَتْ بِهِ الحالُ إلى أنْ صارَ أهْلُهُ إِنَّمَا هُمْ شرذمَةٌ قليلةُ العَدَدِ، ضعيفةُ العُدَدِ، لا تُعْنَى على الأغْلَبِ في تَحَمُّلِهِ بِأكْثَر مِنْ سَمَاعِهِ غُفْلاً، ولا تَتَعَنَّىْ فِي تَقْيِيْدِهِ بِأكثر مِنْ كِتابَتِهِ عُطْلاً مُطَّرِحِيْنَ عُلُوْمَهُ التي بِها جَلَّ قَدْرُهُ، مُباعِدِيْنَ مَعارِفَهُ التي بِها فُخِّمَ أَمْرُهُ. فَحِيْنَ كادَ الباحِثُ عن مُشْكِلِهِ لا يُلفي له كاشِفاً، والسائِلُ عن عِلْمِهِ لا يَلْقَى بِهِ عَارِفاً؛ مَنَّ اللهُ الكريْمُ تباركَ وتعالى؛ وَلَهُ الحمْدُ أنْ أَجْمَعَ بِكتابِ معرفةِ أنواعِ عِلْمِ الحديثِ هذا؛ الذي باحَ بأَسْرَارِهِ الْخَفِيَّةِ، وكَشَفَ عن مُشكلاتِهِ الأبِيَّةِ، وأحْكَمَ مَعاقِدَهُ، وقَعَّدَ قواعِدَهُ وأنارَ مَعَالِمَهُ وبَيَّنَ أحكامَهُ وفصَّلَ أقسامَهُ، وأوضَحَ أُصُولَهُ، وشَرَحَ فُرُوعَهُ وفُصُولَهَ، وجَمَعَ شَتاتَ عُلومِهِ وفوائِدِهِ وقَنَصَ شَوَارِدَ نُكَتِهِ وفرائِدِهِ. فاللهَ العظيمُ الذي بيدِهِ الضَّرُّ والنَّفْعُ والإعطاءُ والْمَنْعُ أَسأَلُ، وإليهِ أتضرَّعُ وأبتهِلُ مُتوسِّلاً إليهِ بِكُلِّ وَسِيْلَةٍ، مُتشفِّعاً إليهِ بكلِّ شَفِيْعٍ أنْ يجعلَهُ مَلِياً بذلِكَ، وآمِلاً وافياً بكلِّ ذلك وأوفى. وأنْ يُعْظِمَ الأجْرَ والنفعَ بِهِ في الدَّارَيْنِ إنَّهُ قريبٌ مُجيبٌ. وما توفيقي إلّا بالله، عليه توكَّلتُ وإليهِ أُنيبُ. وهذه فهرسَةُ أنواعِهِ، فالأوَّلُ منها: معرِفَةُ الصَّحيحِ مِنَ الحديثِ…

آخره

… النوع الخامسُ والستون: معرفةُ أوطانِ الرُّواةِ وبُلدانِهم، وذلك مما يفتقِر حُفَّاظُ الحديث إلى معرفتِهِ في كثيرٍ من تصرُّفاتِهم، ومن مَظانِّ ذِكرهِ الطَّبقاتُ لابن سعدٍ. وقد كانت العَرَبُ إنَّما تَنْتَسِبُ إلى قبائِلِها، فلما جاء الإِسْلام، وغَلَبَ عَليهِم سُكنى القُرى والمدائن حَدَثَ فيما بَيْنَهُم الانتسابُ إلى الأوطانِ كما كانت الْعَجَمُ تَنتسِبُ، وأضاعَ كثيرٌ مِنهم أنسابَهُم، فلم يَبْقَ لَهُم غيرُ الانتسابِ إلى أوطانِهم. ومَن كان مِن الناقِلَةِ مِن بلدٍ إلى بلدٍ وأرادَ الْجَمْعَ بَينَهُما في الانتسابِ فَليبدأْ بِالأوَّلِ ثم بالثاني الْمُنْتَقِلِ إليهِ، وحَسُنَ أنْ يُدْخِلَ على الثاني كَلِمَةَ ثُمَّ، فيُقالُ في الناقِلَةِ مِن مِصْرَ إلى دِمَشْقَ مَثلاً: فُلان الْمِصْرِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، ومَن كان مِن أهلِ قريةٍ من قُرىْ بلدةٍ: فَجَائِز أنْ ينتسِبَ إلى القريةِ وإلى البلدَةِ أيضاً وإلى الناحِية التي مِنها تلكَ البلدَةُ أيضاً… المغيرةُ بنُ شُعبةَ وَوَرَّادٌ وعَبْدَةُ كُوفِيُّونَ، وابنُ جُريجٍ مَكِّيٌّ، وعبدُ الرزاق صَنْعَانِيٌّ يَمَانٍ، وعبدُ الرحمنِ بن بشرٍ فَشَيْخُنَا، ومَنْ بَينَهُما أجْمَعُونَ نَيْسَابُوْرِيُّوْنَ. وللهِ سُبحانه الحمدُ الأتَمُّ على ما أسبَغَ مِن إِفضالِهِ، والصلاةُ والسلامُ الأفضلانِ على سَيِّدِنا محمد وآلِهِ وعلى سَائِرِ النبيين، وآلِ كُلٍّ، نِهايةَ ما يسألُ السائلونَ، وغايَةَ ما يأمُلُ الآمِلونَ. آمين آمين آمين.

الوضع العام

توجد في آخره صفحتان من السماعات على المؤلف وتلاميذه منقولة من الأصل الخاص بالشيخ القاضي تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رزين بسماعه من المؤلف ابن الصلاح سنة 636 هـ بدار الحديث الأشرفية، وسماعات في المدرسة الظاهرية سنة 670 هـ، وسماعات بخط أحمد بن أيبك بن عبد الله الحسامي. خطّ النَّسْخ الواضح المضبوط بالحركات، وتوجد على الهوامش تصحيحات وتعليقات ومعارضات وسماعات ومقابلات على عدد من الشيوخ بإسنادهم إلى المؤلف. والعناوين مميزة بالأحمر أو بخطوط ضخمة. والغلاف جلد عثماني مذهب أحمر اللون تتوسطه شمسية مذهبة ومبطن من الداخل بورق الإيبرو، وعَليه تملّك محمد بن إبراهيم السلمي، وتملك أبي بكر رستم بن أحمد الشرواني ( )، وتملك محمود الحنفي، وقف الصدر الأعظم محمد راغب پاشا. رقم السي دي: 47758.

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “مخطوطة – مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *