مرض الزهايمر (النسيان من نعمة إلى نقمة)

إذا كان الطبيب الألماني الزهايمر (َAlois Alzheimer) شخص للمرة الأولى داء الزهايمر قبل قرن من الزمن، فقد ساد اعتقاد عند الأطباء أنه مرض نادر حتى الستينيات من القرن الماضي. بيد أن الارتفاع الملحوظ في متوسط عمر الفرد، والتطور الكبير في التحليل المخبري كما في الاستقصاءات الشعاعية والوظيفية، كل ذلك جعل الصورة تبدو غائمة أكثر من الاعتقاد السائد. فما زالت الأرقام ترتفع من سنة لأخرى، وإذا بالتقييمات تتغير بسرعة كبيرة حتى وصلنا إلى حقيقة تقول إن نسبة انتشار داء الزهايمر تصل إلى 1 % من عدد سكان العالم، وربما هذا تقييم قابل للارتفاع. لا نعتقد في هذا المضمار أن مجتمعاتنا العربية بمنأى عن هذا البلاء، بل إن العديد من الأسباب تدعونا للاعتقاد بانتشار هذا المرض في مجتمعاتنا، فازدياد متوسط عمر الفرد في بلداننا، حيث ارتفع عشر سنوات ما بين السبعينات والتسعينات من القرن الماضي ليتراوح ما بين 71 إلى 74 سنة، والتزايد الكبير الذي نشهده في عوامل الخطر الوعائية (خاصة الداء السكري وارتفاع ضغط الدم والتدخين والسمنة)، والتي تعتبر أيضا عوامل خطر للإصابة بداء الزهايمر، خاصة في حالة الإصابة المبكرة (أي في العقدين الرابع والخامس من العمر)، إضافة إلى انخفاض مستوى التحصيل العلمي والثقافي. كل تلك العوامل توفر بيئة مواتية للمرض كما سنرى في فصول الكتاب، لهذا فإننا نتوقع أن تكون نسبة الإصابة بداء الزهايمر مرتفعة أيضا في بلداننا العربية، بل غننا نتوقع أيضا أن يكون هناك انخفاض ملحوظ في سن بدء المرض عندنا. ما هذا الواقع، نجد من الضروري بذل جهدنا في إنجاز هذا العمل، والذي يهدف أساسا إلى تقديم يد المساعدة للمريض وأهله في التعرف على المرض ومواجهته منذ مراحله المبكرة وحتى مراحله المتقدمة، وفق عرض حاولنا أن نشرح فيه أعراض ومظاهر المرض وتأثيراتها على المستوى الجسدي والنفسي والاجتماعي. نأمل أن يساهم هذا الكتاب من جهة في تعويض فقر المكتبة العربية لمثل هذا النوع من الكتب ذات الطبيعة التثقيفية والمعرفية الطبية، ومن جهة أخرى في تعويض غياب المؤسسات والجمعيات المهتمة برعاية مرضى الزهايمر. نأمل أن يجد القارئ ضالته في هذا الكتاب، وهذا هو النجاح الحقيقي الذي نصبوا إليه.