العنوان |
مستقبل العالم الإسلامي _ تحديات في عالم متغير |
---|---|
الناشر |
مجلة البيان |
كتاب مستقبل العالم الإسلامي _ تحديات في عالم متغير
عنوان الكتاب:
مستقبل العالم الإسلامي _ تحديات في عالم متغير
المؤلف: مجموعة مؤلفين
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: مجلة البيان
الطبعة: الأولى 1425 هـ / 2004 م
عدد الصفحات: 600
حول الكتاب
(احتلت الولايات المتحدة العراق) كان هذا الحدث السياسي الأبرز في عام 1424 هـ / 2003 م، وهو العام الذي يغطيه التقرير الاستراتيجي في عدده الثاني، الحدث الذي يضاف إلى الأحداث الكبرى في القرن الحادي والعشرين، وإذا كان للعالم شكل مختلف بعد هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي في مانهاتن ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن؛ فإنه بالتأكيد قد أخذ مسارا آخر جديدا بعد كارثة احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة.
لقد تميز هيكل النظم الدولية خلال القرون الثلاثة الماضية بأنه يعبر عن مجموعة من الدول الكبرى؛ بحيث يمكن ان تكون إحداها أقوى من الجميع، وفي محل قيادة لهم تقوم على التوافق بينها وبين القوى الأخرى؛ في نوع من استراتيجية عرفت باسم (توازن القوى)، وهذا الدور مارسته بريطانيا في كثير من مراحل النظام الدولي، ولكن كان بجانبها قوى أخرى لها رأيها النافذ والمتحكم أيضا – كفرنسا، والنمسا، وألمانيا، وروسيا، وأمريكا- في مراحل مختلفة، وتميزت هذه النظم بأنه عندما تريد دولة أو تحاول الإنفراد بالهيمنة؛ فسرعان ما تندلع الحرب لتعيد التوازن أو شبه التوزان مرة أخرى، ولكن في النظام الدولي الجديد بدأت أمريكا في الشروع بالانفراد الذي يعني إخضاع الآخرين وعدم السماح لهم بنفوذ في هيكل النظام الدولي.
وكان من أبرز مظاهر التفرد:
_ جعل أمريكا مركز العلاقات الدولية: فقد بدأت الولايات المتحدة محاولة إخضاع جميع التفاعلات الدولية لأسلوب حتمية المرور بالمركز. وإذا تأملنا في العامين أو الأعوام الثلاثة الأخيرة؛ فسنجد أن أكثر من محاولة أمريكية لتثبيت ذلك الأسلوب، فكل شيء في العالم لا يمر إلا عن طريق أمريكا : الصراع العربي – الإسرائيلي ، كوسوفا (البلقان)، الخليج.. العراق.. السودان، وأصبحت أمريكا هي المركز الذي يجب أن تمر عبره جميع التفاعلات، وليس لبقية القوى في هيكل النظام الدولي نصيب.
_ التدخل في العلاقات الإقليمية والثنائية: حتى العلاقات الأخرى الصغيرة؛ وعلى سبيل المثال: روسيا واتفاقها مع إيران؛ فالمفروض أن هذا بعيد عن أمريكا، ولكن اتفاقية مع إيران يجب أن يكون للأمريكان دور فيها، ولذلك كل المحاولات والاتفاقيات نجدهم موجودين فيها، ويطلبون من الروس شروطا؛ فلا يريدون لشيء أن يحدث إلا من خلالهم.
_ إخضاع حكام العالم: فقد حقن العالم بشعور أن حكامه ليسوا أكثر من مجرد حكام محليات، وظلت الولايات المتحدة تزيد هذه الفكرة، وتحكمت في أشياء كثيرة؛ منها المعونات الاقتصادية والعسكرية والتجارة الخارجية، والبيع والشراء، وأصبح الحكام مكلفين بتكليفات؛ هذا يقوم بهذا، والآخر يقوم بهذا، ومن ثم أصبح الحكام محكومين في هذا النظام الدولي الأمريكي.
ومن ثم بدأ التململ يحدث في النظام الدولي، ومن مظاهره: الانقسام الحاصل في الجسد الأوروبي، وبروز ما يسمى بالمحور الفرنسي – الألماني ضد الولايات المتحدة، وهو الذي يؤكد مدى رفض القوى الدولية واستنكارها للغطرسة الأمريكية، ومحاولة واشنطن فرض هيمنتها الكونية، وإلغاء دور الآخرين وإزاحتهم من المشهد الدولي كلاعبين أساسيين، وهو تأكيد أيضا لواشنطن بأن الدول الأوروبية ليست تابعة للولايات المتحدة؛ بل لها مصالح في بقاع العالم المختلفة ينبغي إدراكها ومراعاتها.
لقد بدا القلق يتنامى داخل أوروبا –بشكل عام- وفرنسا وألمانيا على وجه الخصوص؛ عندما أعلنت إدارة بوش الابن عن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، وتبني مفهوم الضربات الاستباقية، وفطنت أوروبا إلى أن العقيدة الأمنية الأمريكية تهدف إلى الحفاظ على الهيمنة الأحادية خلال القرن الحادي والعشرين ليكون قرنا أمريكيا؛ حتى لو أدى ذلك إلى وأد نمو القوة الأوروبية المستقلة على الصعيد الدفاعي، ويعني ذلك أول ما يعني : تهميش كل من فرنسا وألمانيا، وقطع الطريق على تطوير الدفاع الأوربي المستقل؛ أي أن مصلحة الولايات المتحدة أصبحت تتمثل في نكوص الأوروبيين بقيادة فرنسية – ألمانية عن الاضطلاع ببناء قوة عسكرية أوروبية قادرة على توفير غطاء مستقل لأمن القارة بعيدا عن الغطاء الأطلسي.
وبذلك أصبح النظام الدولي السائد منذ الحرب العالمية الثانية لا يعبر عن حقيقة هيكل النظام الدولي المطلوب، وظهر ما يشبه الصراع بين قوة تحاول تحطيمه وإعادة صياغته بما يتفق مع إمكانيتها وطموحها، وبين قوى تحاول الاحتفاظ به والتشبث بقواعد قديمة تحفظ لها مكانتها في النظام الدولي؛ لذلك رجعت الإدارة الأمريكية إلى الأسلوب التقليدي في تغيير النظام الدولي، وهو افتعال حرب تفرض من خلالها نظامها الدولي الذي تريده، ولجأ بوش ومعه إدارته إلى حرب العراق مرة أخرى نتيجة عدة اعتبارات معينة؛ ليتم عن طريقها هيكلة النظام الدولي.
إن الحرب التي دارت في ربوع العراق تعد مفصلا مهما لا يقل أهمية عن مفاصل تاريخ النظام الدولي في القرون الثلاثة الماضية، كمعاهدة فيينا، أو الحربين العالميتين الأولى والثانية، وحرب الخليج الأولى، وأحداث 11 سبتمبر؛ حيث توقف على نتيجتها تغيير كبير في النظام الدولي.
وخروج أمريكا منتصرة في هذه الحرب أوجد أوضاعا ستفرض نظاما جديدا في خصائصه – كما أسلفنا سابقا -، وكما توقع مستشار ألمانيا جيرهارد شرودر؛ فإن الغزو الأمريكي للعراق سيقرر مستقبل العالم لمدة خمس عشرة أو عشرين سنة.
العنوان |
مستقبل العالم الإسلامي _ تحديات في عالم متغير |
---|---|
الناشر |
مجلة البيان |