هيجل قلعة الحرية

الكاتب هيجل يوصف بأعظم ذهن عرفته البشرية، وقد وصفه هرتزن (كان آخر النجوم اللامعة بين المفكرين الذي كان ديكارت واسبينوزا أولهم)، كان يستطيع أن يربط الأشياء المعقدة والمتشابكة، ويستطيع أن يحافظ على هذا الترابط بل ويعانقه، كان يفكر بالأضداد شأنه شأن هيرقليطس الذي (كان يؤمن دوماً ولديه حس بالأشياء المركبة)، قال عنه جان فال (انه يريد أن يلتقط حركة قطار يسير على أرض متحركة وسط مجموعة شمسية متحركة وسط مجرة متحركة وسط كون متحرك، ويريد بالنهاية أن يبين علاقة حركة القطار بحركة الكون كله، انه ذهن استطاع أن يدرك الجدل بشكل جدلي). الجدل عند هيجل ليس بالأشياء المنطقية المادية، حيث تكمن ثورة الجدل الهيجيلي بتعريفه له على انه إثراء وإضافة وكشف عن الطبيعة الداخلية لروح العالم. حيث الغاية من الجدال ليس إثبات وجهة النظر، إنما البحث المشترك في عمق الفكرة لاستخراج فكرة هجينة مثالية. ويهدف هيجل إلى أن يتوصل إلى حقيقة العالم والنفس البشرية، والحقيقة عنده وقبل كل شيء هي أن يعرف كينونة الشيء، ويكشف أبعاده، وكانت نقطة المنطلق عند هيجل هي الوجود. يقول هيجل أن التفكير الواقعي مشابه للتفكير الرياضي ويمكن أن تقوم به آلة وليس بحاجة عقل بشري خلّاق، بل انه لا يخبرنا عن الواقع بتجديد، إن الواقع ليس سكونياً كما قال أرسطو بل هو في حالة ثورة وغليان (وهنا يركز هيجل على أن حركة روح العالم تستمر نحو الرقي والوعي المطلق) والفكر الإنساني عندما يفكر هو الآخر يجب أن يسير وفق هذه الحركة التطورية. لقد ربط هيجل بين روح العالم و التطور العلمي والحضاري والدينامية التي تهب العلاقة والضرورة الباطنية إلى كيان العلم. وهيجل يطرح أن التناقض هو الأصل في حركة الجدل، فإذا قلنا أن هناك حالة الوجود فهذا يؤدي إلى أن هناك حالة من العدم، وبرأي هيجل فإن الحقيقة ليست في أي منهما بل في كليهما معاً. إن هيجل اهتم بالتفكير بمشكلة الحياة وكيف يمكن تغييرها للأحسن، و وسيلة هيجل في هذا هو العقل الذي سيقوم بعملية تحرير الإنسان الذي سيقوم بدوره بتغيير الحياة للأفضل، ويظل الإنسان في سعيه هذا طوال الحقب التاريخية مدفوعاً بالحرية وهادفاً لها، مع سقوط الاستغلال الرأسمالي، حيث أن توليفة هيجل هي تناسق العقل والحرية. إن الحرية بالنسبة لهيجل هي ممارسة وليست تنظير وإلا تكون قد فقدت فعاليتها كما وصفها بـ حرية الخواء، وإن الحياة والحرية والضرورة شيء واحد. ويشرح أن الحكم المستبد يضع القوانين بما يخدم السلطة بالتالي يعيش الإنسان مقيداً بقوانين السلطة التي لا تعنيه، بينما الحرية هي عندما يعيش الإنسان وفق قوانين تعمل لمصلحة الجميع وليس لمصلحة فئة معينة أو شخص واحد إن كان الحكم ملكي. والحرية ترتبط بالقانون برأي هيجل ولكن ليس القانون الفردي بل القانون المنطقي الذي يجسد رقي حركة التاريخ وحركة روح العالم، فالقانون يرقى مع رقي البشرية. لقد وجد هيجل أن الله هو الحقيقة القصوى التي تسعى لها البشرية، والله هو الحرية القصوى المتطابقة مع نفسها، وجعل من الحرية صيرورة التاريخ، ومن التاريخ اغتناء الفرد، فجمع في فلسفته الجزئي والكلي، الأبدي والفاني، المطلق والنسبي، التناهي واللاتناهي. الدولة في ذهن هيجل هي الدولة التي تحكم بمعايير العقل النقدي وبالقوانين الصادقة المطلقة. إن الحقيقة عند هيجل هي الكل، والفلسفة في رأيه لابد من أن تتمثل في نسق علمي، والحقيقة الكلية أو الوجود الواقعي صيرورة، وليست الصيرورة هنا سوى عملية التناقض مع ما يقترن بها من سلب، والروح نفسها تاريخ والمطلق ذات لا مجرد موضوع. ص123

رمز المنتج: bk7335 التصنيفات: , الوسم:
شارك الكتاب مع الآخرين

بيانات الكتاب

المؤلف

مجاهد عبد المنعم مجاهد

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “هيجل قلعة الحرية”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *