وقراءة رواية لو أن مسافراً فى ليلة شتاء

دخل كالفينو قائمة كتابي المفضلين، نادي مجانين السرد الذين يقلبون كيانك بكتاباتهم، أظهر كالفينو كل قدراته وكل سخريته في هذه الرواية، ها هو يصنع عملاً مبهراً، عن فن القراءة وعن فن الكتابة معاً، نوع من ألف ليلة وليلة معاصرة، حيث يقفز القارئ من قصة إلى قصة من دون أن يدرك نهاية لأي منها، وكل قصة لا تفضي إلى قصة كما هو الحال في ألف ليلة وليلة، وإنما كل قصة تبتر بسبب غباء وتلاعب دور النشر والمؤلفين، هكذا… نمضي ونحن نطارد فصولاً مفككة ومدمجة معاً في لعبة قص لا تنتهي. منذ زمن لم اقرأ كتاباً بهذا الجنون، بهذا الكم من المتعة، بهذه القدرة على القبض على شهوتنا الجامحة للقصة، ونشوتنا المفقودة عندما تبتر القصة ولا نحصل على شعور الإشباع ذاك. يذكر كالفينو في رسالة كتبها لأحد النقاد أن مجموعة من أشهر الروائيين أثروا بشكل أو بآخر بأسلوب كتابة فصول هذه الرواية، وهو ما يصعب علينا كقراء اكتشاف أين كان ذلك التأثر، هذه الأسماء الأيقونية تضم بولغاكوف وتانيزاكي وكاوباتا وخوان رولفو وأرجيداس وبورخيس وتشسترتون. إنها رواية عملاقة عن القارئ، وعن الكاتب، عن الناشر وعن دور النشر، عن الكتابة كفن والقراءة كمتعة خالصة. سيفتتح كالفينو الرواية بك أنت، أيها القارئ، سيتحدث عنك، كيف تجلس مرتاحاً لقراءة كتابه (لو أن مسافراً في ليلة شتاء)، هذه القراءة التي ستبدأ برجل غامض في محطة قطار، سرعان ما ستحبط عندما تكتشف أن الكتاب الذي بين يديك وقع ضحية خطأ مطبعي جعل بقية الكتاب تكرار للفصل الأول، هكذا ستذهب للمكتبة لتستبدل الكتاب هناك ستلتقي بفتاة جميلة تدعى لودميلا جاءت تشكو من ذات الشيء، وكلاكما سيقرر أن يحصل على كتاب آخر لمؤلف آخر بعدما تكتشفان أن الكتاب الذي قرأتماه وأعجبكما ليس لكالفينو وليس (لو أن مسافراً في ليلة شتاء)، وإنما هو (خارج بلدة مالبورك) لكاتب بولندي يدعى بازاكبال، هكذا كل كتاب يفضي بطريقة ما لكتاب آخر، إنها رحلة ممتعة مع قاص مذهل، تتركنا في النهاية بحسرة على كل هذه القصص الجميلة التي لن نعرف نهاياتها أبداً.

رمز المنتج: bk7622 التصنيفات: , الوسم:
شارك الكتاب مع الآخرين

بيانات الكتاب

المؤلف

إيتالو كالفينو

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “وقراءة رواية لو أن مسافراً فى ليلة شتاء”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *