المؤلف |
جيرالد دي غوري – محمد شهاب |
---|
يوضح هذا الكتاب الحجاز أو الحاجز الذي هو جزء من صدع رهيب في سطح الأرض، أرض قاحلة فيها أخاديد قليلة مزينة بأشجار النخيل والأدغال، حيث يستطيع الإنسان أن يعيش حياة مستقرة، وعلى بعد ميلاً أو حوالي ذلك في الوديان، وعلى الهضاب، هناك حلقات واسعة من المقذوفات البركانية وحلقات من براكين قديمة، وكتل من البازلت تساقطت على السهل، أو على سفوح التلال، سوداء كالحديد، وكانت مخيفة على نحو مضاعف للعرب الأوائل لأن البراكين في تلك الأيام كانت لا تزال تثور. بين جو الجزيرة العربية الحار والجاف والهوزاء الرطب من الحجاز كانت تتولد عواصف كهربائية بسرعة، ويوماً بعد يوم، وليلة بعد ليلة، من قمة جبل إلى قمة جبل آخر، كان البرق يلمع دون توقف ساعات وساعات، وبين الحين والآخر في الشتاء كان يحدث تراكم لغيوم في تلك البلاد التي لولا ذلك لكانت بلاداً غير ممطرة، وكانت الفيضانات تندفع في الممرات الجبلية الضيقة تجرف معها الناس والحيوانات. ليس هناك في أي مكان على الأرض هذا التناقض في المناخ، ليس في أي مكان إلا إذا كان بين الأعماق الحارة الرطبة في البحر الميت وجوانب الجبال الجافة القاسية فوقها التي تعلو فوق الأردن، القسم الداخلي في فلسطين. لكن الحرارة خانقة في القسم السفلي في الأردن أقل ما هي عليه على الساحل المرجاني المتعفن في الحجاز. في بلاد كهذه خلق الإنسان لمثل هذه التوتر غير الإعتيادي بسبب المناخ وبيئته، وأملاً في تهدئة قوى الطبيعة الرئيسة، يخترع أو يستقدم الآلهة والطقوس ثم يصبح عبداً لها. هكذا قبل أن تصبح قلة مأهولة ومحطة إستقرار على طريق القوافل كانت، كالطائف، المدينة الأخت على طريق الهضبة، مكاناً مقدساً ومعبداً. يقدم لنا المؤلف العربي –الأزرقي– مع آخرين غيره الحكاية السلامية الأحدث عن مكة كمكان مقدس. في إحدى المرات لاحظت قافلة من بني جرهم تتجه نحو الجنوب نبع ماء لم يلاحظ أحد من قبل وجود الماء فيه، توقفت القافلة وأرسلت رجلين لتفحصه، وجدوا إمرأة وطفلاً ذكراً بجانبها، قالت أن إسمها هاجر وأن البئر يخصها، فخيمت القافلة هناك بإذن منها، ومنذ ذلك الحين بدأت تستخدم البشر ونصبت ملتجأها بجانبه، هذا النبع كان يدعى زمزم، وهو البئر الذي يحيط به حرم مكة المقدس. وهكذا يتابع المؤلف الغربي سرد تاريخ الحجاز وصولاً للتاريخ لحكامها، حيث عمد إلى تقديم لمحة تاريخية حول تأسيس مكة ثم سرد أسماء الحكام الأولون في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم متنقلاً إلى بيان الحكام ضمن حقبة تاريخية إمتدت من القرن الثامن حتى الثاني عشر، ومتابعاً هذا التاريخ لكل من الأمير مختار وأولاده وأحفاده ( 1185-1254 م)، محمد أبوغي الأول وأبناؤه وأحفاده ( 1255- 1455 م)، بركات الأول وإخوته وإبنه (1425– 1498م)، بركات الثاني ( 1495– 1524 م) ثم محمد أبوغي الثاني (1524–1632)، زيد بن محسن (1632– 1716) عبد الله بن سعيد وغيره من أولاد أحفاد زيد (1716– 1771)، سرور وأخوه غالب (1771- 1810م). ثم لينتقل لتقديم سرد تاريخي حول الجزيرة العربية في الفترة الوهابية والأتراك المصريون وليتحدثان عن الحرب ضد الوهابيين (1813-1814م)، وعن محمد بن عون من قبيلة ذوي زيد عبد المطلب بن غالب (1840–1881) مختتماً هذا السرد التاريخي بالحديث عن عون الدفين –علي– الملك حسين وعلي ملك الحجاز (1882–1925) ويكون بذلك قد أرخ للجزيرة العربية خلال فترة واسعة إمتدت من القرن الثامن وصولاً إلى القرن التاسع عشر، وذلك من خلال تاريخ حكامها.
المؤلف |
جيرالد دي غوري – محمد شهاب |
---|