مخطوطة – سلوك الطريقة في الجمع بين كلام أهل الشريعة والحقيقة

نبذة عن كتاب مخطوطة – سلوك الطريقة في الجمع بين كلام أهل الشريعة والحقيقة

عنوان المخطوط: سلوك الطريقة في الجمع بين كلام أهل الشريعة والحقيقة ( ).
المؤلف: مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن أحمد الكرمي، المقدسي، الحنبلي، زين الدين (ت 1033 هـ/ 1624م) ( ).
عَدَدُ الأَوْرَاقِ وَقِيَاسَاتُهَا؛ من 1/ ب حتى الورقة 25/ آ: 24، 213 × 158 ـ 155 × 102، عدد الأسطر: (23).
أوله: بسم الله الرحمن الرحيم. قال العبد الفقير إلى الله تعالى مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي: الحمد لله الذي بيده أزمّة التوفيق، المتفضل على مَن شاء بما شا مِن العرفان والتحقيق، والصلاة والسلام على سيد أهل الكشف والتصديق، وعلى آله وأصحابه أُولي التحقيق والتدقيق. وبعد: فإن العارف من نارت بصيرته في مشكاة ضياء سُبُحاتِهِ، وحارت فكرته في ذخائر مطالب هوياته، وسيّرَ زكيات النفوس في أسنى معارج درجاته، واعترف بالعجز عن السلوك في ماهية ذاته؛ وحقيقة أسمائه وصفاته، وإن مما كثر فيه الجدال والخوض، وهيهات مَن يصل إلى الصافي مِن الحوض، هو ما وقع في كلام الصوفية من الألفاظ الموهِمة للتكفير، والكلمات التي يجب أن يبادر إليها بالنكير، وهل العلماء المعترضون عليهم في ذلك مُصيبون؛ أو مُخطئون؟. وقد أحببت بيان ذلك، والجواب عَمَّ هُنالك، بعبارات رشيقة، وإشارات دقيقة، وعُذري بالتقصير واضح، والعارف بالحال مغتفر مُسامح، وها أنا أذكر أسئلةً يتفرّعُ عليها الجواب، ومن الله تعالى أرجو التوفيق للصواب، إنه عزيز وهّاب.
السؤال الأوّل: هذه الألفاظ التي تصدر عن الصوفية وتُوهِمُ الكُفر، هل لها محلّ وتأويلات بحيث ترجع للحقِّ وتُوافقُ الشرع؟ كقول أبي يزيد البسطامي قدّس سِره؛ ويُروى عن الشبلي أيضاً: ما في الْجُبّة إلا الله. وقول أبي يزيد أيضاً: خضتُ بحراً وقف الأنبياء بساحله، وقوله: طاعتك لي يا رب أعظم من طاعتي لك…. الجواب: الحمد لله… لا ريب، في صدور تلك الألفاظ عنهم، ووقوعها منهم، ولكن لها محامل وتأويلات وتدقيق، عند أرباب التحقيق، وفي ذلك جوابان. أحدهما: لا يبعد أن تكون تلك الألفاظ صدرت منهم في حال الشطح والسكر الروحاني؛ الذي هو سِكر المحبة، وهذا السِّكر بمنزلة شرب الخمر؛ بل أعظم، وسبب هذا السكر: اللذة القاهرة للعقل، وسبب اللذة: إدراك المحبوب وتصوّره، فإن كانت المحبة قوية، وإدراك المحبوب قوياً؛ كانت اللذة تابعةً لقوّة هذين الأمرين… فيحدث الموت، وهذا أمر معلوم مُشاهَدٌ؛ فقد وقع ذلك للكثير من المُحبين، وقد أفردتُ هذا بمُؤلَّفٍ لطيفٍ سمّيته: مُنية المحبين وبُغية العاشقين؛ فراجعْهُ. وحيث كان كذلك، فألفاظ السكران بسببٍ غير مُحرَّم مما يجبُ أن تُطوى ولا تُروى؛ لعدم ترتُّب الأحكام الشرعية عليها حينئذٍ… وجوابه: إن المراد مافي جسدي إلا حب الله، أو ما في الجبّة إلا سرّ الله الذي هو الروح المحرّك للأجساد، وكم في الكتاب والسنة من كلام يجبُ فيه التقدير، كقوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} ( ). أو أنه قال ذلك في حال الفناء والاستغراق في التوحيد…
آخره:… اللهم اجعلنا ممن اتبع طريقة الأنبياء والمرسلين، والصحابة والتابعين… وعافنا من الابتداع في الدين. آميم آمين.
قال مؤلفه سامحه الله: فرغت من جمعه وتهذيب وضعه بعد العشا الآخرة بنحو أربعين درجةً؛ بمصر المحروسة، خامس ليلة من ذي الحجة، ختام سنة إحدى وثلاثين وألف 1031 هـ.
ووافق الفراغ من كتابة هذه النسخة المباركة؛ يوم الاثنين المبارك بعد صلاة العصر، بالجامع الأزهر، الموافق لتاسع عشري ذي القعدة الحرام، من شهور سنة ثلاث وأربعين وماية وألف 1143 هـ. بقلم أفقر الورى… محمد يعقوب المقدسي الحنبلي؛ ابن المرحوم الشيخ محمد ابن المرحوم الشيخ يحيى ابن المرحوم الشيخ يوسف والد المؤلف لهذا الكتاب.
جعلنا الله وإياه من الآمنين يوم الحساب… بجاه سيدنا محمد وآله والأصحاب، آمين. آمين.
شعر
تمّ الكتاب بعون الله ذي الجود ربِّ البرية مُجري الماء في العود
يا قارئ الخطّ قُلْ بالله مُجتهداً اغفرْ لكاتبهِ يا خيرَ معبودِ
ملاحظات: مخطوطة خزائنية مضبوطة. وتوجد في أولها بعض أبيات الشعر من نظم المؤلف:
اشتغلْ بالعُلوم وابحثْ مليا قائماً قاعداً مع الأخيار
واطلُبِ الحقَّ أين كان وصابرْ مُخلصاً سائلاً أُولي الأبصار
وإذا لمْ ترَ الهلالَ فسلِّمْ لأُناسٍ رأوهُ بالإبصار
* * *
فسادٌ كبيرٌ عالِمٌ مُتهتِّكُ وأفسدُ منه جاهِلٌ مُتنسّكُ
هُما فِتنةٌ في العالمين عظيمةٌ لِمَن بهما في دينه يتمسّكُ
* * *
كان ابنُ تيميّةٍ في الناسِ جوهرةً نفيسةً صاغها الرحمنُ من شرفِ
عَزَّتْ فلمْ تعرفِ الأيامُ قِيمتَها فَرَدَّها غيرَةً مِنْهُ إلى الصَّدَفِ
الناسخ: محمد يعقوب المقدسي الحنبلي من أحفاد الشيخ يوسف والد المؤلف يرحمهم الله تعالى. تاريخ النسخ: سنة 1143هـ/ 1730م. الوضع العام: خطّ الثلث المضبوط بالحركات أحياناً، والعناوين والفواصل مكتوبة باللون الأحمر، وتوجد على الهوامش تصحيحات، والغلاف جلد عثماني، وقف الصدر الأعظم محمد راغب پاشا.