المؤلف |
جان ماري جوستاف لكلزيو |
---|
هذا الكتاب يرصد سيرة فتاة صحراوية مغربية مجهولة النسب، عاشت في الملاح في كنف للا أسماء(كتبها المترجم لالا أسمى)، الإسبانية اليهودية، التي لم تغادر المغرب عند اندلاع الحرب، وكانت تبكي عند سماع غناء فيروز عن القدس، السيدة التي كانت تحس ليلى بأنها جدتها لا مخدومتها، بعد أن خطفت في طفولتها، فكانت الأمومة المفقودة، وبعد موتها هربت لتعيش في كنف مدام جميلة التي تشرف على مبغى، مع فتياتها الست اللواتي تراهن مثل أميرات، وكانت عائشة، تغادير، وحورية الأقرب إليها، هذه الأخيرة هاجرت معها إلى فرنسا، بعد أن ضاقت بقساوة العيش في حي الصفيح بتابريكت، والتي كتبها المترجم خطأ (تبريكة)، وكذلك أبورقراق (بورجرج). في الأحياء الهامشية بفرنسا نرى ليلى ترقص، تغني، تقرأ وتعزف، تعمل خادمة وتعاني شتى أنواع الاستغلال والمضايقات، كأي مهاجر غير شرعي، وبقيت حورية حبيسة النزل الوضيع، بسبب حملها، وليلى بدأت تتأقلم مع حياتها الجديدة، وعرفت أحياء باريس الراقية والشعبية، والأماكن المحفوفة بالخطر، حيث عصابات الشباب الذين يضربون العرب والسود بعصيهم. ساعدتها ماري هيلين بتوفير عمل لها عند الدكتورة فروميجيو، والتي استطاعت تسوية وضعها القانوني، لكنها اغتصبتها بعد أن خدرتها، فانتقمت منها، مثلما انتقمت من زهرة.. لم تقفل عليها الباب، وترمي المفتاح في القمامة وتطرد الكلب- والذي كان أفضل منها اجتماعيا هنا وهناك- مثلما فعلت مع زهرة، بل ذهبت إلى مكتبها، وأخذت ترمي كل ما فيه من أوراق وصور وكتب، لتستقر مع نونو، الشاب المهاجر الكاميروني في القبو، الذي وعدها بالزواج حين يصير ملاكما مشهورا، ثم تعرفت على حكيم، الذي حذرها من نونو، ووصفه ببيدق البيض، واصطحبها إلى متحف الفنون الإفريقية، ليذكرها بجذورها، ثم عرفها على جده مافوبا، العجوز المحارب الكفيف، الذي يروي لها ذكرياته – بشجن- عن نهر السنغال وقريته وحفيدته مريم. وتعرفت ليلى على مختلف الأوساط الثقافية في باريس وشيكاغو التي رحلت إليها في مغامرة جديدة، بعد أن أهداها جد حكيم جواز سفر مريم، وبكت للهدية، بكت لأنه منحها اسما وهوية، في بلد يحدد فيه الآخرون مصير المستضعفين، كالغجرية التي باعت ابنتها ماجدة لتصير جوانا، ولقطع صلة الصغيرة بكل ما يربطها بماضيها، ساعد أبواها بالتبني بياتريس وريمون ليلى على الهجرة إلى أمريكا، والمأزق الإنساني والوجودي للصغيرة ماجدة لا يختلف عن ليلى أو سيمون الهايتية التي تنجذب إليها ليلى، وإلى حديثها عن جزيرة في الطرف الآخر من العالم، وأجداد خطفوا وبيعوا، وكانت الشموع وطقوسها الغريبة والعزف والمخدرات وسيلتها الوحيدة للهروب من سجنها المزدوج، سجن مارسيل وسجن الغربة. ومن خلال قراءاتي المتنوعة، لاحظت أن الكثير من الكتاب يراهنون في نصوصهم على العنصر النسائي لإضفاء لمسة إنسانية شفيفة على إبداعاتهم، لا أقصد الرومانسية والعلاقات الوجدانية، وإنما تلك المعاناة التي تلامس شغاف القلب. تجتاز ليلى الامتحان لكنها ترسب، ويخسر نونو المباراة ويرحل. وفي أمريكا تعرفت على جان المحاضر الجامعي وتسكعت معه، وعلى ندى الممرضة التي أهدتها نسخة من كتاب فرانز فانون معذبو الأرض ، وعقداً مع مؤسسة كنال للموسيقى، ودعوة للمشاركة في مهرجان موسيقى الجاز بشيكاغو، فأنقذت الصداقة والموسيقى ليلى من الضياع، وعادت إلى موطنها الأصلي، وهي حامل، لتسأل عن طفلة اختطفت قبل خمسة عشر عاما، وتستعيد حريتها، و تخرج من مرحلة العائلة لتبدأ مرحلة الحب مع جان. لوكليزيو في روايته هذه يكشف عن الوجه القبيح للحضارة الغربية، من خلال سرقة هوية المستعمرات، واستغلال رجالها للعمل في الحقول وخوض معاركهم، وتهميش المهاجرين الباحثين عن حياة كريمة، بيد أنهم يصدمون ـ هناك – بالعنصرية البغيضة، والحقد الأعمى، وكما في سائر كتاباته، ينحاز إلى الإنسان، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه، ذلك الإنسان التواق إلى حياة حرة كريمة… لكن يبدو أن لوكليزيو يكرّس – عن قصد أو عن غير قصد- تلك النظرة اللاّ أخلاقية، إذ من بين عشرات الشخصيات، ومن مختلف الجنسيات، لا توجد من تحترف الدعارة سوى المغربيات…!!
المؤلف |
جان ماري جوستاف لكلزيو |
---|