المؤلف |
أجاثا كريستي |
---|
تـبـدأ الـرّوايـة بـخـروج الـكـابـتـن كـروسـبي مـن أحـد الـمـصـارف: والـشّـارع الّـذي كـان فـيـه الـكـابـتـن كـروسـبي يـدعى بـشـارع الـبـنـوك في وسط العاصمة بغداد لأنّ أغـلـب بـنـوك الـمـديـنـة تـقـع فـيـه. وكـان في داخـل الـبـنـك شـئ مـن الـبـرودة والـعـتـمـة، أو بـالأحـرى شئ مـن الـعـفـونـة. وكـانـت ضـربـات عـدد كـبـيـر مـن الآلات الـكـاتـبـة تـتـعـالى في خـلـفـيـتـه. أمّـا في خـارجـه، فـقـد كـانـت الـشّـمـس حـارّة. وكـان الـغـبـار الـمـتـطـايـر يـمـلأ شـارع الـبـنـوك، وكـانـت الـضّـوضـاء فـيـه شـديـدة مـتـنـوعـة الـمـصـادر: أصـوات الـمـنـبـهـات الـمـلـحّـة، وصـيـاح بـاعـة الـسّـلـع الـمـخـتـلــفـة. وكـان هـنـاك مـشـاجـرات حـامـيـة بـيـن أعـداد مـن الـنّـاس يـبـدو عـلـيـهـم أن بـعـضـهـم عـلى وشـك قـتـل الـبـعـض الآخـر ولـكـنـهـم كـانـوا في الـحـقـيـقـة أصـدقـاء أحـبّـاء، وأعـداد مـن الـرّجـال والـصّـبـيـان والأطـفـال يـبـيـعـون كـلّ أنـواع الـنـبـاتـات والـحـلـويـات والـبـرتـقـال والـمـوز والـمِـنـشـفـات والأمـشـاط وأمـواس الـحـلاقـة وسـلـع أخـرى يـدورون بـهـا في الـشـوارع عـلى صـواني. وكـان هـنـاك أيـضـاً أصـوات تـنـحـنـح الـنّـاس الـمـسـتـمـر وبـصـاقـهـم، ويـعـلـو فـوق ذلـك كـلّـه عـويـل سـوّاق الـحـمـيـر والـخـيـل الـمـقـهـور الـمـرتـفـع الـنّـبـرات في وسـط هـديـر الـسّـيّـارات وصـيـاح الـمـشـاة : (بـالـك! بـالـك ! Balek ! Balek ). لقد كـانـت الـسّـاعـة الـحـاديـة عـشـرة صـبـاحـاً في مـديـنـة بـغـداد. ولقد أوقـف الـكـابـتـن كـروسـبي صـبـيـاً كـان يـركـض بـسـرعـة وعـلى ذراعـه حـمـولـة جـرائـد واشـتـرى واحـدة مـنـهـا. وبـعـد أن خـرج مـن شـارع الـبـنـك دخـل في شـارع الـرّشـيـد، وهـو شـارع بـغـداد الـرّئـيـسي، يـخـتـرقـهـا عـلى مـدى أربـعـة مـايـلات (سـتّ كـيـلـومـتـرات ونـصـف تـقـريـبـاً) مـحـاذيـاً نـهـر دجـلـة. وألـقى الـكـابـتـن كـروسـبي نـظـرات سـريـعـة عـلى عـنـاويـن أخـبـار الـجـريـدة، ووضـعـهـا تـحـت إبـطـه. وبـعـد أن سـار حـوالي مـائـتي يـاردة (183 مـتـراً تـقـريـبـاً) إسـتـدار لـيـدخـل في درب ضـيّـق يـفـضي إلى خـان أو حـوش كـان في جـانـبـه الـمـقـابـل بـاب عـلـيـه لافـتـة نـحـاسـيـة دفـعـه فـانـفـتـح داخـلاً في مـكـتـب. ونـهـض مـوظـف شـاب عـراقي طـويـل نـظـيـف ومـهـنـدم مـن وراء آلـتـه الـكـاتـبـة واتـجـه نـحـوه مـبـتـسـمـاً مـرحّـبـاً
المؤلف |
أجاثا كريستي |
---|