المؤلف |
عبد السلام محمد هارون |
---|
هذا بحث جديد في النحو العربي – اتجه الكاتب له لملاحظته من ظهور تسرُّب الإصطلاحات والتقسيمات البلاغية في أثناء هذا النحو، الذي أبَى على تطاول العصور أن يتخلَّص من هذه الإصطلاحات، كما أبي أن يتخلَّص من بعض مقتضيات التصريف، لما بين تلك وبينه من رابطة وثيقة لا تنفصم، وإنْ زعم قومٌ أنه من الممكن فَصل هذه من تلك، وهو زعم ضالٌ واهم. ولقد دفعَتْ هذه الإصطلاحاتُ، منذ القدم، علماءَ النحو أن يَرُوزٌوا معاملة العرب لتلك الأساليب الإنشائية، وتدرَّج هذا الإعتبارُ عندهم من أبواب محدودة في النحو إلى أن تناولوا معظمَ الأبواب، وهم في ذلك يسُوقون القولَ صريحاً في بعضها، ويجمجمون في بعض الآخر. وقد استطعت بما وفَّق الله أن أنفُذ إلى إستخلاص ما يخصّ أساليب الإنشاء في الجمهور الأعظم من أبواب النحو، متتبعاً ذلك في المراجع الكبرى قديمها والحديث، متقصِّياً لنوادر النصوص النحوية في زوايا تلك المراجع وتضاعيفها، مبيِّناً خلافَ النجاة وعللَهم لذلك الخلاف، معقِّباً على ذلك بما تقتضي الموازنةُ بين الآراء، وما رأه من فصل في هذا النزاع، الذي اشترك فيه المفِّسرون من النحاة والنُّحاةُ من المفسِّرين. كما أن الدراسة النحوية في مختلف المراجع النحوية يُعْوِزها ضرورةُ تتبع المسائل النحويّة وكيف تُصوَّر في كلّ مرجع، ويعْوِزها كذلك التتبعُ التاريخي والتدرُّج الحُكمىّ لكلِّ مسألة من تلك المسائل. على ضوء هذه الإعتبارات المختلفة سِرت في دراستي هذه الحديثةِ لِشِقٍّ من أحد شِقَّى الكلام، وهو الأسلوب الإنشائي بالمعنى الذي يفهمه علماءُ البلاغة، وكيف يُعَامَل هذا الأسلوب في هذه اللغة الكريمة. وهي دراسة آمُل أن تلقَى صدىً عند المشتغلين بهذا النحو العملاق، وأن تنشأ دراساتٌ مماثلة لها متحررة من إسار التأليف القديم، لتجلوَ هذا النحوَ في إطار من جَلاله وقوَّته، ولتنفى عنه أوضاراً عِلقَت به كما تعلق الأوضار بالثوب البارع النفيس.
المؤلف |
عبد السلام محمد هارون |
---|