مخطوطة – تشنيف المَسْمَع على المَجْمع

عنوان المخطوط: تشنيف المَسْمَع على المَجْمع ( ).
المؤلف: أحمد بن محمد (بدر الدين) بن شعبان العُمري، الحنفي، أبو العباس، الطَّرابُلُسي المغربي ت 1020 هـ/ 1611م ( ).
عدد الأوراق وقياساتها: 646، الورقة: 336 × 232 ـ 240 × 137، عدد الأسطر: (31).
أوله: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي جعل بين البحرين برزخاً لا يبغيان، وأخرج منها لِمنافِعِ عِبادِه بِوَافِي الكَرَمِ ما تُغتَنَمُ تحفته كاللؤلؤ والمرجان، وفضَّل بحور العِلم؛ فألقتْ من صدورها ما فيه لمنهاج الهداية كفاية الإنسان، مستنبطين ذلك بصحيح النظر والاجتهاد من الأحاديث النبوية ومُحكمات القرآن… وبعد فيقول العبد الضعيف أفقر عباد الرحمن، أحمد بن محمد بن شعبان، الحنفي، عامله الله تعالى ووالديه بلطفه الجلي والخفي: إنّ الله قد اختار لهذا الدين أعلاماً علمهم البيان، ووهبهم بعنايته الإتقان، ويسّر لهم من فضلِه الكافي، ما فهِموا من كلامه الشافي، فكانوا الغاية في بيان السُّنن والفرائض والأركان، لاسيما المصطفين أصحابُ البُرهان، المرتفعة أعلامهم السامية في كلِّ وقتٍ وأوان، الحائزين قصب السَّبْقِ في علمهم المبسوط، فهُم غُرّة العالَم وزينة الأكوان، أئمة الدين الأربع، ذوو القدْر الأرفع، النافه هديهم، والمغني قولهم، والمنتقى نهجهم، والسراج سبيلهم، وخصوصاً النعمان، ولِمَ لا وهو الأصل في هذا الخير والشان، والسابق بتدوين الفقه مَن ألّف فيه؛ فكان القطب عليه مدار الدهر إلى نهاية الأزمان… أحمد بن علي المعروف بابن الساعاتي؛ قدّس اللهُ روحه، ونوّر ضريحه، وجادت عليه سحائب الرضوان، اشتهر هذا الْكَهْفُ بمجمع البحرين، وَبَهَرَ كلامُهُ على دُرر البحار، فعطّر شذاه بروضة العلماء، ونبّه على لَسنة اللسان:
يا طالباً للعِلم ترجو موارداً رِدْ مَجْمَعَ البحرين لِلسَّاعاتي
مَن لي بأنْ أُمسي وأُصبِحَ مُنفِقاً أوقات عُمري فيه والساعاتِ
وقد شرحَ اللهُ تعالى صدريَ أنْ أشرَحه شرحاً يزيد في بيان المراد، ويؤيد بالدليل والتعليل صحيح ذلك في المناد، وما جهدُنا أقرب بعد ابن الأقرب ( )؛ هو أشيرُ بلطافته إليه غبَّ ما بناه عبد اللطيف ( )؛ لمقالته الكافية أو أعذب، مع حبس الفكرة في هذا المقام عن واسع الفضاء، وثقل الكاهل بأعباء القضاء، والانقطاع في هذا السبيل بساقة الرُّكبان. وَسَمَّيْتُهُ: تشنيف الْمَسْمَع على الْمَجْمَع، وجعلتهُ خدمةً لِحضرة الإمام الأعظم، والخاقان الأكرم، سلطان العرب والعجم، مالك رقاب الأمم، حامي حوزة الدين، مالك أزمّة العالمين، مُشتّت شمْلَ الكفرة والمشركين، قاتل أعداء الدين، مُبيد الطغاة والبُغاة والمتمردين، قاهر الخوارج والملحدين، ناصر الإِسْلام وحِصنه، ذخر الأنام وركنه، كهف الشريعة وحُسامها، كمال المفاخر وقوامها… ظِلُّ الله في الأرض، القائم بالسُّنّة والفرض، سيد الخلفاء على الإطلاق، والأداة في هذا المقام للاستغراق، المنصورة كتائبُهُ، والمشهورة كالبحر عجائبُهُ… مولانا السلطان بن السلطان إلى حادي عشر جدٍّ فأكثر، المختار من الله تعالى للعباد، مولانا السلطان مُراد ( )، فخر آل عثمان:
خليفة سيفه بالنصر ملتزمُ فكان رُكناً وعنه صح ملتزمُ
أمد بالنصر والفتح المبين فقُل: في بابل إن سطا يُلقى له السَّلَمُ
كم مزقتْ وأبادت بيضُهُ فرقاً وجُودُهم عندَه يومَ الوغى عَدَمُ
يخوضُ في الحرب بالجيش العرمرم والـ إسْلام يعلو وجيشُ الكفر ينهزمُ
صرِّح لهم باسمه يَنْكَفُّ حرفُهُمُ وقاصِرٌ عن تَعَدٍّ مَعْهُ فِعْلُهُمُ
هو المُرادُ مُراد الله كم وردت أبوابه للمعال العُربُ والعجمُ ( )
<الخيل والليل والبيداءُ تعرفه والسيف والرمح والقرطاسُ والقلمُ> ( )
هو الخلاصة كنز الفضل ما سمحتْ بمثله يقظةٌ فينا ولا حُلمُ
خضمُّ فضْلٍ يُجِلُّ العِلمَ والعُلما بالحلم مُتَّصِفٌ والبِشْر مُتَّسِمُ
خدمتُ حضرتَه المبسوط نائلها بتُحفةٍ دُرّها المنثور يُغتَنَمُ
أودعتها كَلِماً تسمو بدائعها جواهرٌ قسّمت لكن به الكلم
وفي الحقيقة لم يَحْتَجْ إلى دُررٍ بحرٌ عجائبهُ تشدوا بها الأُممُ
وإنَما خَدَمُ السادات واجبةٌ على العبيد كما تقضي بهِ الْحِكَمُ
قَبُولُها أحمَدُ الأشيا لأحمدِها هوَ ابن شعبانَ فرض عنده الخدم
… ص: بسم الله الرحمن الرحيم. ش: ابتدأ المصنف رَحِمَهُ اللهُ كتابه بالبسملة أولاً، ثم ثنّى بالحمدلة اقتداء بالكتاب العزيز المستفتح هكذا….
آخره:… وبه كان يُفتي الشهيد حُسام الدين، والقاضي الإمام عماد الدين، والشيخ نجم الدين النسفي رحمهم الله. انتهى. ص: هذا هو: مجمع البحرين ومُلتقى النَّيِّرَيْنِ، وقد أَتَيْتُ بهِ على ما أَسَّسْتُهُ من تلك القواعدِ، واجتهدتُ في التوفيقِ بين المسائلِ الشواردِ، ولم أَتْرُكْ من الكِتَابَيْنِ إلّا مسائلَ يَسِيرَةً؛ طَرَحْتُهَا عَمْداً، ومسائلَ أُخَرَ؛ غَيَّرْتُ صِيْغَتهَا قَصْداً، أو زِدْتُ فيها قَيْداً؛ إِيراداً لأصَحِّ من المذهبِ، والأَقْوَى، وتَحَرِّياً للاحْتِيَاطِ في الفَتْوَى، وأنا مُلْتَمِسٌ مِمَّنْ يَنْقُلُهُ أنْ لا يُهْمِلَ واجِبَ الإعرابِ؛ فإن المتَشَابِِهَ فيه جَمٌّ، وخُصُوصاً في جِنَاسَاتِهَ الخِطِّيَّةِ، فإن الاحتياطَ فِيهَا حَتْمٌ. واللهُ هو المشكورُ على إفاضةِ نِعَمِهِ، والمسؤولُ خاتِمَةَ السَّعَادَةِ بِفَضْلِهِ، وكَرَمِهِ. ش: قد التزم المصنفُ رحمه الله تعالى لذكر جميع ما في مجمع البحرين إلا أمرين… فلهذا أعاد ذِكره، فجزاه الله خير الجزاء.
ولنختم هذا الكتاب بالدعاء المأثور: اللهم آتِ نَفْسِي تَقْواها، وَزكِّها أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاها، أنْتَ وَلِيُّها ومَوْلاها، اللهم إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَقَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَنَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمن دعوةٍ لا تُستجابُ ( )، آمين، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والتسليم على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
فرغ من تعليق هذا الكتاب المسمى: بتشنيف المسمع شرح المجمع، مؤلفُهُ أفقر عباد الفقير: أحمد بن محمد بن شعبان العمري الحنفي، بَصَّرَهُ اللهُ بعُيوبِ نفْسِهِ، وجَعَلَ يومَه خيراً من أمْسِهِ. هذا كله مع اختلال الحال، وتشتيت البال، وابتلائه بمنصب القضاء، أعانه الله على ما ابتلاه، وأحسن عُقباه؛ في صبيحة يوم الثلاثاء المبارك، لتسعٍ بقين من شهر الله المحرم الحرام، افتتاح عام سنة تسع وثمانين وتسعمائة من الهجرة النبوية، بولاية الجيزية، وهو يومئذ مُبتلى بقضائها، اللهم اني أسألك إيماناً صادقاً، وعِلماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء. اللهم أنت قدير، وبالإجابة جدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حامداً مُصلياً مُسلماً مُحسبلاً مُحوقلاً مُستغفراً تائباً نادماً. تمّ.
ملاحظات: الناسخ: مؤلف الكتاب. تاريخ النسخ: سنة 989 هـ/ 1581م. الوضع العام: خطّ النَّسْخ المضبوط الواضح، والعناوين مكتوبة باللون الأحمر، أو بالذهب أو باللازورد، وتوجد على الهوامش تصحيحات طفيفة، وفي أوله فهرس في صفحتين، والصفحة الأولى والثانية مذهبة وملونة، وجميع الصفحات لها إطارات ملونة، والغلاف جلد عثماني مذهّب وبطانته من ورق الإيبرو، وقف راغب پاشا. رقم السي دي: 51446.