Search
Search

نبذة عن كتاب مخطوطة – كشف الأسرار، شرح أصول البزدوي (ج: 1).

عنوان المخطوط: كشف الأسرار، شرح أصول البزدوي ( ). (ج: 1).
المؤلف: عبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري، الحنفي، علاء الدين ت730هـ/ 1330م ( ).
عدد الأوراق: 119، المقاييس: (13.5 × 210) الكتابة (80 × 12.8)، عدد الأسطر: (13).
أوله: بسم الله الرحمن الرحيم، ربِّ تمّم بالخير. الْحَمْدُ لِلهِ مُصَوِّرِ النَّسَمِ فِي شَبَكَاتِ الأَرْحَامِ بِلا مُظَاهَرَةٍ وَمَعُونَةٍ، وَمُقَدِّرِ الْقِسَمِ لِطَبَقَاتِ الأَنَامِ بِلَا كُلْفَةٍ وَمَؤُونَةٍ، شَارِعِ مَشَارِعِ الأَحْكَامِ بِلُطْفِهِ وَأَفْضَالِهِ، نَاهِجِ مَنَاهِجِ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ بِكَرَمِهِ وَنَوَالِهِ، مُبْدِعِ فَرَائِدِ الدُّرَرِ مِنْ خَطَرَاتِ الْفِكْرِ بِسَحَائِبِ فَضْلِهِ وَإِكْرَامِهِ، مُنْشِئِ لَطَائِفِ الْعِبَرِ، مِنْ شَوَاهِدِ النَّظَرِ، بِرَوَاتِبِ طُولِهِ وَإِنْعَامِهِ، الَّذِي أَكْمَلَ بِعِنَايَتِهِ رَوْنَقَ الدِّينِ وَأُبَّهَةَ الإِسْلام، وَصَيَّرَ بِرِعَايَتِهِ الْمِلَّةَ الْحَنِيفِيَّةَ مُرْتَفِعَةَ الأَعْلامِ.
نَحْمَدُهُ حَمْداً تَاهَ فِي وَصْفِهِ أَفْهَامُ الْعُقَلاءِ، وَنَشْكُرُهُ شُكْراً حَارَ فِي قَدْرِهِ أَوْهَامُ الأَلِبَّاءِ، عَلَى مَا أَوْضَحَ مَنَاهِجَ الشَّرْعِ وَرَفَعَ مَعَالِمَهُ، وَأَحْكَمَ قَوَاعِدَ الدِّينِ وَأَثْبَتَ دَعَائِمَهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ؛ شَهَادَةً رَسَخَتْ عُرُوقُهَا فِي صَمِيمِ الْجَنَانِ، وَدَعَتْ صَاحِبَهَا إلى نَعِيمِ الْجِنَانِ.
وَنَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي جَبَلَهُ اللهُ مِنْ سُلالَةِ الْمَجْدِ وَالْكَرَمِ، وَبَعَثَهُ إلى كَافَّةِ الْخَلْقِ وَالأُمَمِ، فَأَبَانَ مَعَالِمَ الدِّينِ وَآثَارَهُ، وَأَضَاءَ سُبُلَ الْيَقِينِ وَمَنَارَهُ، حَتَّى سَطَعَ نُورُ الشَّرْعِ عَنْ ظَلامِ الْجَفَاءِ بِحُسْنِ عِنَايَتِهِ، وَظَهَرَ نُورُ الدِّينِ عَنْ أَكْمَامِ الْخَفَاءِ بِيُمْنِ كِفَايَتِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الَّذِينَ لَمْ تُسْتَرْ أَقْمَارُ دِينِهِمْ بِغَمَامِ الشَّكِّ وَالْبَدَاءِ، وَلَمْ تَحْتَجِبْ أَنْوَارُ يَقِينِهِمْ بِأَكْمَامِ الأَهْوَاءِ، صَلاةً تَتَجَدَّدُ عَلَى تَعَاقُبِ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ، وَتَتَزَايَدُ عَلَى انْتِقَاصِ الشُّهُورِ وَالأعْوَامِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً.
وَبَعْدُ: فَإِنَّ عُلُومَ الدِّينِ أَحَقُّ الْمَفَاخِرِ بِالتَّوْقِيرِ وَالتَّبْجِيلِ، وَأَوْلَى الْفَضَائِلِ بِالتَّفْضِيلِ وَالتَّحْصِيلِ، إذْ هِيَ الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ لِنَيْلِ السَّعَادَاتِ فِي الدُّنْيَا، وَالْمِرْقَاةُ الْمَنْصُوبَةُ إلى الْفَوْزِ بِالْكَرَامَاتِ فِي الْعُقْبَى، بِنُورِهَا يُهْتَدَى مِنْ ظُلُمَاتِ الْغُوَايَةِ إلى سَبِيلِ الرَّشَادِ، وَبِيُمْنِهَا يُرْتَقَى مِنْ حَضِيضِ الْجَهَالَةِ إلى ذُرْوَةِ الاجْتِهَادِ، لا سِيَّمَا عِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ الَّذِي هُوَ أَصْعَبُهَا مَدَارِكَ، وَأَدَقُّهَا مَسَالِكَ، وَأَعَمُّهَا عَوَائِدَ، وَأَتَمُّهَا فَوَائِدَ، لَوْلاهُ لَبَقِيَتْ لَطَائِفُ عُلُومِ الدِّينِ كَامِنَةَ الآثَارِ، وَنُجُومُ سَمَاءِ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ مَطْمُوسَةَ الأَنْوَارِ، لا تَدْخُلُ مَيَامِنُهُ تَحْتَ الإِحْصَاءِ، وَلا تُدْرَكُ مَحَاسِنُهُ بِالاِسْتِقْصَاءِ.
ثُمَّ إنَّ كِتَابَ أُصُولِ الْفِقْهِ الْمَنْسُوبَ إلى الشَّيْخِ الإِمَامِ الْمُعَظَّمِ، وَالْحَبْرِ الْهُمَامِ الْمُكَرَّمِ، الْعَالِمِ الْعَامِلِ الرَّبَّانِيِّ، مُؤَيِّدِ الْمَذْهَبِ النُّعْمَانِيِّ، قُدْوَةِ الْمُحَقِّقِينَ أُسْوَةِ الْمُدَقِّقِينَ صَاحِبِ الْمَقَامَاتِ الْعَلِيَّةِ، وَالْكَرَامَاتِ السَّنِيَّةِ، مَفْخَرِ الأَنَامِ: فَخْرِ الإِسْلام أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ محمد بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَزْدَوِيِّ تَغَمَّدَهُ اللهُ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ، وَأَسْكَنَهُ أَعْلَى مَنَازِلِ الْجِنَانِ، امْتَازَ مِنْ بَيْنِ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي هَذَا الْفَنِّ شَرَفاً وَسُمُوّاً، وَحَلَّ مَحَلَّهُ مَقَامَ الثُّرَيَّا مَجْداً وَعُلُوّاً، ضَمَّنَ فِيهِ أُصُولَ الشَّرْعِ وَأَحْكَامَهُ، وَأَدْرَجَ فِيهِ مَا بِهِ نِظَامُ الْفِقْهِ وَقِوَامُهُ، وَهُوَ كِتَابٌ عَجِيبُ الصَّنْعَةِ رَائِعُ التَّرْتِيبِ، صَحِيحُ الأُسْلُوبِ مَلِيحُ التَّرْكِيبِ، لَيْسَ فِي جَوْدَةِ تَرْكِيبِهِ وَحُسْنِ تَرْتِيبِهِ مِرْيَةٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ عَبادَانَ قَرْيَةٌ، لَكِنَّهُ صَعْبُ الْمَرَامِ، أَبِيّ الزِّمَامِ، لا سَبِيلَ إلى الْوُصُولِ إلى مَعْرِفَةِ لُطْفِهِ وَغَرَائِبِهِ، وَلا طَرِيقَ إلى الإِحَاطَةِ بِطُرَفِهِ وَعَجَائِبِهِ، إلا لِمَنْ أَقْبَلَ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى تَحْقِيقِهِ وَتَحْصِيلِهِ، وَشَدَّ حَيَازِيمَهُ لِلإِحَاطَةِ بِجُمْلَتِهِ وَتَفْصِيلِهِ، بَعْدَ أَنْ رُزِقَ فِي اقْتِبَاسِ الْعِلْمِ ذِهْناً جَلِيّاً، وَذَرْعاً مَنْ هُوَاجَسِ أَضَالِيلِ الْمُنَى خَلِيّاً، وَقَدْ تَبَحَّرَ مَعَ ذَلِكَ فِي الأَحْكَامِ وَالْفُرُوعِ، وَأَحَاطَ بِمَا جَاءَ فِيهَا مِنْ الْمَنْقُولِ وَالْمَسْمُوعِ.
وَقَدْ سَأَلَنِي إخْوَانِي فِي الدِّينِ، وَأَعْوَانِي عَلَى طَلَبِ الْيَقِينِ، أَنْ أَكْتُبَ لَهُمْ شَرْحاً يَكْشِفُ عَنْ أَوْجُهِ غَوَامِضِ مَعَانِيهِ نِقَابَهَا، وَيَرْفَعُ عَنْ اللَّطَائِفِ الْمُسْتَتِرَةِ فِي مَبَانِيهِ حِجَابَهَا، وَيُوَضِّحُ مَا أُبْهِمَ مِنْ رُمُوزِهِ وَإِشَارَاتِهِ الْمُعْضِلَةِ، وَيُبَيِّنُ مَا أُجْمِلَ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَعِبَارَاتِهِ الْمُشْكِلَةِ، ظَنّاً مِنْهُمْ أَنِّي لَمَّا اسْتسْعدْتُ بِخِدْمَةِ شَيْخِي، وَسَيِّدِي وَسَنَدِي وَأُسْتَاذِي وَعَمِّي، وَهُوَ الإِمَامُ الْمُحَقِّقُ الرَّبَّانِيُّ، وَالْقَرْمُ الْمُدَقِّقُ الصَّمَدَانِيُّ، نَاصِبُ رَايَاتِ الشَّرِيعَةِ، كَاشِفُ آيَاتِ الْحَقِيقَةِ، فَتَّاحُ أَقْفَالِ الْمُشْكِلاتِ، كَشَّافُ غَوَامِضِ الْمُعْضِلاتِ، فَخْرُ الْحَقِّ وَالدِّينِ، مَلاذُ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَالَمِينَ، قُطْبُ الْمُتَهَجِّدِينَ، خَتْمُ الْمُجْتَهِدِينَ، محمد بْنُ إلْيَاسِ الْمَائَمُرْغِيُّ ( ). أَفَاضَ اللهُ عَلَيْهِ سِجَالَ إنْعَامِهِ وَغُفْرَانِهِ، وَصَبَّ عَلَيْهِ شَآبِيبَ إكْرَامِهِ وَرِضْوَانِهِ، وَنَشَأْتُ فِي حِجْرِهِ بِرَوَاتِبِ بِرِّهِ وَأَفْضَالِهِ، وَرُبِّيتُ فِي بَيْتِهِ بِصَنَائِعِ جُودِهِ وَنَوَالِهِ، لَعَلِّي فُزْت بِدُرَرٍ مَنْ غُرَرِ فَرَائِدِهِ.
وَأَخَذْتُ حَظّاً وَافِراً مِنْ مَوَائِدِ فَوَائِدِهِ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مُخْتَصّاً مِنْ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ بِاتِّفَاقِ الأَنَامِ؛ بِتَحْقِيقِ دَقَائِقِ مُصَنَّفَاتِ فَخْرِ الإِسْلام؛ فَاسْتَعْفَيْتُ عَنْ هَذَا الأَمْرِ الْخَطِيرِ، وَتَشَبَّثْتُ بِأَهْدَابِ الْمَعَاذِيرِ، عِلْماً مِنِّي بِأَنِّي لَسْت مِنْ فُرْسَانِ هَذَا الْمَيْدَانِ، وَلا لِي بِالإِبْلاءِ فِي مَوَاقِفِهِ يَدَانِ، وَأَيْنَ أَنَا مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ تَحَيَّرَتِ الْفُحُولُ فِي حَلِّ مُشْكِلَاتِهِ، بَعْدَ تَهَالُكِهِمْ فِي بَحْثِهِ وَتَنْقِيرِهِ، وَعَجَزَتِ النَّحَارِيرُ عَنْ دَرَْكِ مُعْضِلاتِهِ، مَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى تَحْقِيقِهِ وَتَفكّرهِ، فَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إلّا الْمُبَالَغَةَ فِي الإِلْحَاحِ عَلَيَّ، وَالإِقَامَةَ فِي مَوَاقِفِ الاقْتِرَاحِ لَدَيَّ، فَلَمْ أَجِدْ بُدّاً مِنْ إنْجَاحِ مَسْؤُوْلِهِمْ، وَلا مَنْدُوحَةَ عَنْ تَحْقِيقِ مَأْمُولِهِمْ، فَأَجَبْتُهمْ إلى مُلْتَمَسِهِمْ تَفَادِياً مِنْ عُقُوقِهِمْ، وَسَعْياً إلى أَدَاءِ حُقُوقِهِمْ، وَشَرَعْتُ فِي هَذَا الأَمْرِ الْعَظِيمِ الْمُهِمِّ، وَالْخَطْبِ الْجَسِيمِ الْمُدْلَهِمِّ، مُسْتَعِيناً بِاَللهِ الْكَرِيمِ الْجَلِيلِ، رَاجِياً مِنْهُ أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ، مُتَوَكِّلاً عَلَى كَرَمِهِ الشَّامِلِ فِي طَلَبِ التَّوْفِيقِ لإِتْمَامِهِ، مُعْتَمِداً عَلَى إنْعَامِهِ الْعَامِّ فِي سُؤَالِ التَّيْسِيرِ لابْتِدَائِهِ وَاخْتِتَامِهِ. رَاغِباً إلَيْهِ فِي أَنْ يَجْعَلَ مَا أُقَاسِيهِ خَالِصاً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، مُتَعَوِّذاً بِهِ مِنْ أَنْ يَتَلَقَّانِي بِسَخَطِهِ وَعِقَابِهِ الأَلِيمِ، مُبْتَهِلاً إلَيْهِ فِي أَنْ يَحْفَظَنِي عَنْ الْخَطَإِ وَالزَّلَلِ، وَيُلْهِمَنِي طَرِيقَ الصَّوَابِ وَالسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، مُتَضَرِّعاً إلَيْهِ فِي أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ وَأَئِمَّةَ الإِسْلام، وَيَجْمَعَنِي وَإِيَّاهُمْ بِبَرَكَاتِ جَمْعِهِ فِي دَارِ السَّلامِ.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْكِتَابُ كَاشِفاً عَنْ غَوَامِضَ مُحْتَجِبَةٍ عَنْ الأَبْصَارِ نَاسَبَ أَنْ سَمَّيْتُهُ: كَشْفَ الْأَسْرَارِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ كِتَاباً سَبَقَ عَامَّةَ الشُّرُوحِ تَرْتِيباً وَجَمَالاً، وَفَاقَ نَظَائِرَهُ تَحْقِيقاً وَكَمَالاً، وَمَنْ نَظَرَ فِيهِ بِعَيْنِ الإِنْصَافِ، عَرَفَ دَعْوَى الصِّدْقِ مِنْ الْخِلافِ. ثُمَّ إنِّي، وَإِنْ لَمْ آلُ جُهْداً فِي تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ وَتَرْتِيبِهِ، وَلَمْ أَدَّخِرْ جِدّاً ( ) فِي تَسْدِيدِهِ وَتَهْذِيبِهِ، فَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِيهِ عَثْرَةٌ وَزَلَلٌ، وَأَنْ يُوجَدَ فِيهِ خَطَأٌ وَخَطَلٌ، فَلا يَتَعَجَّبُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ عَنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لا يَنْجُو مِنْهُ أَحَدٌ؛ وَلا يَسْتَنْكِفُهُ بَشَرٌ، وَقَدْ رَوَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: إنِّي صَنَّفْت هَذِهِ الْكُتُبَ فَلَمْ آلُ فِيهَا الصَّوَابَ، فَلا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا مَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللهِ تعالى، وَسُنَّةَ رَسُولِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ اللهُ تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} ( ). فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِمَّا يُخَالِفُ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ؛ فَإِنِّي رَاجِعٌ عَنْهُ إلى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ. وَقَالَ الْمُزَنِيّ: قَرَأْت كِتَابَ الرِّسَالَةِ عَلَى الشَّافِعِيِّ ثَمَانِينَ مَرَّةً، فَمَا مِنْ مَرَّةٍ إلّا وَكُنَّا نَقِفُ عَلَى خَطَإٍ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيْهِ أَبَى اللهُ أَنْ يَكُونَ كِتَابٌ صَحِيحاً غَيْرَ كِتَابِهِ.
فَالْمَأْمُولُ مِمَّنْ وَقَفَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ جَانَبَ التَّعَصُّبَ وَالتَّعَسُّفَ، وَنَبَذَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ التَّكَلُّفَ وَالتَّصَلُّفَ، أَنْ يَسْعَى فِي إصْلاحِهِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ وَالإِمْكَانِ، أَدَاءً لِحَقِّ الأُخُوَّةِ فِي الإِيمَانِ، وَإِحْرَازاً لِحُسْنِ الأُحْدُوثَةِ بَيْنَ الأَنَامِ، وَادِّخَاراً لِجَزِيلِ الْمَثُوبَةِ فِي دَارِ السَّلامِ، وَاَللهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُثِيبُ؛ عَلَيْهِ أَتَوَكَّلُ؛ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ… عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمد الْبُخَارِيُّ؛ سَقاهُ اللهُ صَوبَ رضْوَانِهِ، وكَساهُ ثَوْبَ غُفْرَانِهِ: حَدَّثَنِي بِهَذَا الْكِتَابِ شَيْخِي وَأُسْتَاذِي وَعَمِّي الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ آنِفاً؛ قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِسَرْخَسَ فِي الْمَدْرَسَةِ الْمَلَكِيَّةِ الْعَبَّاسِيَّةِ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ أُسْتَاذُ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا؛ مُظْهِرُ كَلِمَةِ اللهِ الْعُلْيَا؛ شَمْسُ الأَئِمَّةِ؛ محمد بْنُ عَبْدِ السَّتَّارِ بْنِ محمد الْكَرْدَرِيُّ… عَنْ الشَّيْخِ الإِمَامِ الْمُصَنِّفِ، قَدَّسَ اللهُ أَرْوَاحَهُمْ؛ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: (الْحَمْدُ لِلهِ خَالِقِ النَّسَمِ وَرَازِقِ الْقَسَمِ) جَرَتْ سُنَّةُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِذِكْرِ الْحَمْدِ فِي أَوَائِلِ تَصَانِيفِهِمْ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ اللهِ تعالى…
آخره:… وَالْمَحْكُومُ بِالْكَذِبِ؛ فِيمَا يَرْجِعُ إلى التَّعَاطِي لا يَكُونُ عَدْلاً مُطْلَقاً، وَمِنْ شَرْطِ كَوْنِ الْخَبَرِ حُجَّةً الْعَدَالَةُ مُطْلَقَةً، وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ: رِوَايَتُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ مَقْبُولَةٌ، فَإِنَّ أَبَا بِكْرَةَ مَقْبُولُ الْخَبَرِ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ أَحَدٌ بِطَلَبِ التَّارِيخِ فِي خَبَرِهِ أَنَّهُ رَوَى بَعْدَمَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ أَمْ قَبْلَهُ، بِخِلافِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّ رَدَّ شَهَادَتِهِ مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ، ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ، وَرِوَايَةُ الْخَبَرِ لَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ، ثُمَّ التَّائِبُ مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَالْكَذِبِ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ؛ إلّا التَّائِبَ مِنْ الْكَذِبِ ـ متعمداً فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ فَإِنَّهُ لا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَبَداً، وَإِنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ؛ عَلَى مَا ذُكِرَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ أَحْمَدُ ابْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَرْحِهِ لِرِسَالَةِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ كُلَّ مَنْ أَسْقَطْنَا خَبَرَهُ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ ـ بِكَذِبٍ وَجَدْنَاهُ عَلَيْهِ ـ لَمْ نَعُدْ لِقَبُولِهِ بِتَوْبَةٍ تَظْهَرُ، وَمَنْ ضَعَّفْنَا نَقْلَهُ لَمْ نَجْعَلْهُ قَوِيّاً بَعْدَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا افْتَرَقَتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ: أَنَّ مَنْ كَذَبَ فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ وَجَبَ إسْقَاطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو فِي كِتَابِ مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ عِلْمِ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ. أَيْ: مِنْ الأَقْسَامِ الأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِ بَابِ أَقْسَامِ السُّنَّةِ، واللهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، بَابُ بَيَانِ قِسْمِ الانْقِطَاعِ.
نجز هذا المجلد الثاني من كشف الأسرار في شرح البزدوي في أصول الفقه على يد العبد الفقير، الراجي عفو ربه اللطيف: يوسف بن يحيى بن خليل، في ثالث شوال عام 771هـ حامداً الله تعالى ومصلياً على سيدنا محمد وآله، سائلاً ربه تعالى المجيب في أن لا يخبث سعيه ولا يخيب، ويرزقه الصحة والفراغة والكفاءة بعونه وكرمه في ذلك إن شاء الله تعالى.
ملاحظات: الناسخ: يوسف بن يحيى بن خليل. تاريخ النسخ: 3 شوال سنة 771 هـ/ 1370م. الوضع العام: خطّ التعليق، والغلاف جلد، وكلمة مكتوبة باللون الأحمر، والعناوين مكتوبة باللون الأحمر، وتوجد على الهوامش تصحيحات وتعليقات، ويوجد في أوله فهرست في صفحة واحدة، وعَليه تملّك الشيخ ابن كمال پاشا، وعبد الكريم بن عبد الوهاب، ومحمد حفظي، وتملك (ياوري: الحرسي)، وقف الصدر الأعظم محمد راغب پاشا. رقم السي دي: 49751.

بيانات كتاب مخطوطة – كشف الأسرار، شرح أصول البزدوي (ج: 1).

العنوان

كشف الأسرار، شرح أصول البزدوي (ج: 1).

المؤلف

عبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري، الحنفي، علاء الدين ت730هـ/ 1330م

رقم المخطوطة

407

عدد الأوراق

119

عدد الأسطر

13

تاريخ النسخ

3 شوال سنة 771 هـ/ 1370م

الناسخ

يوسف بن يحيى بن خليل

المقاييس

(13

أوله

بسم الله الرحمن الرحيم، ربِّ تمّم بالخير. الْحَمْدُ لِلهِ مُصَوِّرِ النَّسَمِ فِي شَبَكَاتِ الأَرْحَامِ بِلا مُظَاهَرَةٍ وَمَعُونَةٍ، وَمُقَدِّرِ الْقِسَمِ لِطَبَقَاتِ الأَنَامِ بِلَا كُلْفَةٍ وَمَؤُونَةٍ، شَارِعِ مَشَارِعِ الأَحْكَامِ بِلُطْفِهِ وَأَفْضَالِهِ، نَاهِجِ مَنَاهِجِ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ بِكَرَمِهِ وَنَوَالِهِ، مُبْدِعِ فَرَائِدِ الدُّرَرِ مِنْ خَطَرَاتِ الْفِكْرِ بِسَحَائِبِ فَضْلِهِ وَإِكْرَامِهِ، مُنْشِئِ لَطَائِفِ الْعِبَرِ، مِنْ شَوَاهِدِ النَّظَرِ، بِرَوَاتِبِ طُولِهِ وَإِنْعَامِهِ، الَّذِي أَكْمَلَ بِعِنَايَتِهِ رَوْنَقَ الدِّينِ وَأُبَّهَةَ الإِسْلام، وَصَيَّرَ بِرِعَايَتِهِ الْمِلَّةَ الْحَنِيفِيَّةَ مُرْتَفِعَةَ الأَعْلامِ.

آخره

… وَالْمَحْكُومُ بِالْكَذِبِ؛ فِيمَا يَرْجِعُ إلى التَّعَاطِي لا يَكُونُ عَدْلاً مُطْلَقاً، وَمِنْ شَرْطِ كَوْنِ الْخَبَرِ حُجَّةً الْعَدَالَةُ مُطْلَقَةً، وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ: رِوَايَتُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ مَقْبُولَةٌ، فَإِنَّ أَبَا بِكْرَةَ مَقْبُولُ الْخَبَرِ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ أَحَدٌ بِطَلَبِ التَّارِيخِ فِي خَبَرِهِ أَنَّهُ رَوَى بَعْدَمَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ أَمْ قَبْلَهُ، بِخِلافِ الشَّهَادَةِ، فَإِنَّ رَدَّ شَهَادَتِهِ مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ، ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ، وَرِوَايَةُ الْخَبَرِ لَيْسَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ، ثُمَّ التَّائِبُ مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَالْكَذِبِ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ؛ إلّا التَّائِبَ مِنْ الْكَذِبِ ـ متعمداً فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ فَإِنَّهُ لا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَبَداً، وَإِنْ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ؛ عَلَى مَا ذُكِرَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ أَحْمَدُ ابْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَرْحِهِ لِرِسَالَةِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ كُلَّ مَنْ أَسْقَطْنَا خَبَرَهُ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ ـ بِكَذِبٍ وَجَدْنَاهُ عَلَيْهِ ـ لَمْ نَعُدْ لِقَبُولِهِ بِتَوْبَةٍ تَظْهَرُ، وَمَنْ ضَعَّفْنَا نَقْلَهُ لَمْ نَجْعَلْهُ قَوِيّاً بَعْدَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا افْتَرَقَتْ فِيهِ الرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ: أَنَّ مَنْ كَذَبَ فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ وَجَبَ إسْقَاطُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو فِي كِتَابِ مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ عِلْمِ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ. أَيْ: مِنْ الأَقْسَامِ الأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَّلِ بَابِ أَقْسَامِ السُّنَّةِ، واللهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، بَابُ بَيَانِ قِسْمِ الانْقِطَاعِ.

الوضع العام

خطّ التعليق، والغلاف جلد، وكلمة <قوله> مكتوبة باللون الأحمر، والعناوين مكتوبة باللون الأحمر، وتوجد على الهوامش تصحيحات وتعليقات، ويوجد في أوله فهرست في صفحة واحدة، وعَليه تملّك الشيخ ابن كمال پاشا، وعبد الكريم بن عبد الوهاب، ومحمد حفظي، وتملك (ياوري: الحرسي)، وقف الصدر الأعظم محمد راغب پاشا. رقم السي دي: 49751.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

کتب ذات صلة

روابط التحميل

الرابط المباشر

شارک مع الآخرین :