العنوان |
المبسوط (ج: 1) |
---|---|
المؤلف |
محمد بن أحمد السرخسي، ت 490 هـ/ 1097م |
رقم المخطوطة |
579 |
عدد الأسطر |
37 |
عدد الأوراق وقياساتها |
9 ـ 846، الورقة: 318 × 220 ـ 260 × 148 |
أوله |
الحمد لله رب العالمين، والعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْن، ولا عُدْوَانَ إلّا على الظَّالِمِيْن، والصَّلاةُ عَلى رَسُوْلِهِ محمد، وآلِهِ أجْمَعِيْن، [قَالَ] الشَّيْخُ الإِمَامُ الأَجَلُّ الزَّاهِدُ، شَمْسُ الأَئِمَّةِ، أَبُو بَكْرٍ، محمد بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ، رَحِمَهُ اللهُ، وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ، وَهُوَ فِي الْحَبْسِ؛ بِأُوزَجَنْدَ إمْلاءً: الْحَمْدُ لِلهِ بَارِئِ النَّسَمِ، وَمُحْيِي الرَّمَمِ، وَمُجْزِلِ الْقَسَمِ، مُبْدِعِ الْبَدَائِعِ، وَشَارِعِ الشَّرَائِعِ دِيناً رَضِيّاً، وَنُوراً مُضِيّاً، لِتَكْلِيفِ الْمَحْجُوجِينَ، وَوَعْدِ الْمُؤْتَمِرِينَ، وَوَأْدِ الْمُعْتَدِينَ، بَيِّنَةً لِلْعَالَمِينَ، عَلَى لِسَانِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، سَيِّدِنَا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ [وَبَعْدُ]: فَإِنَّ أَقْوَى الْفَرَائِضِ بَعْدَ الإِيمَانِ بِاَللهِ تعالى طَلَبُ الْعِلْمِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: <طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ>. وَالْعِلْمُ مِيرَاثُ النُّبُوَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: <أَنَّ الأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ>. [وَالْعِلْمُ عِلْمَانِ]: عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ، وَعِلْمُ الْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ. فَالأَصْلُ فِي عِلْمِ التَّوْحِيدِ التَّمَسُّكُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمُجَانَبَةُ الْهَوَى وَالْبِدْعَةِ، كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَالسَّلَفُ الصَّالِحُونَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، الَّذِينَ أَخْفَاهُمْ التُّرَابُ، وَآثَارُهُمْ بِتَصَانِيفِهِمْ بَاقِيَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ عَزَمْتُ عَلَى جَمْعِ أَقَاوِيلِهِمْ فِي تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ تَذْكِرَةً لأُولِي الأَلْبَابِ. [وَأَمَّا عِلْمُ الْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ]: فَهُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُ: الْحِكْمَةُ مَعْرِفَةُ الأَحْكَامِ مِنْ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ. وَقَدْ نَدَبَ اللهُ تعالى بِقَوْلِهِ إلى ذَلِكَ: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} فَقَدْ جَعَلَ وِلايَةَ الإِنْذَارِ وَالدَّعْوَةِ لِلْفُقَهَاءِ، وَهَذِهِ دَرَجَةُ الأَنْبِيَاءِ، تَرَكُوهَا مِيرَاثاً لِلْعُلَمَاءِ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ: <الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ>، وَبَعْدَ انْقِطَاعِ النُّبُوَّةِ هَذِهِ الدَّرَجَةُ أَعْلَى النِّهَايَةِ فِي الْقُوَّةِ… وَأَوَّلُ مَنْ فَرَّعَ فِيهِ وَأَلَّفَ وَصَنَّفَ: سِرَاجُ الأُمَّةِ أَبُو حَنِيفَة ( ) رَحْمَهُ اللهُ، بِتَوْفِيقٍ مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَصَّهُ بِهِ، وَاتِّفَاقٍ مِنْ أَصْحَابٍ اجْتَمَعُوا لَهُ؛ كَأَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ خُنَيْسٍ الأَنْصَارِيِّ، رَحِمَهُ اللهُ تعالى، الْمُقَدَّمِ فِي عِلْمِ الأَخْبَارِ، وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادَةَ اللُّؤْلُؤِيِّ، الْمُقَدَّمِ فِي السُّؤَالِ وَالتَّفْرِيعِ، وَزُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ رَحِمَهُ اللهُ، الْمُقَدَّمِ فِي الْقِيَاسِ، وَمحمد بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، الْمُقَدَّمِ فِي الْفِطْنَةِ، وَعِلْمِ الإِعْرَابِ وَالنَّحْوِ وَالْحِسَابِ. هَذَا مَعَ أَنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَلَقِيَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً: كَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ جُزء الزَّبِيدِيِّ، وَنَشَأَ فِي زَمَنِ التَّابِعِينَ رَحِمَهُمُ اللهُ، وَتَفَقَّهَ وَأَفْتَى مَعَهُمْ… حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: <النَّاسُ كُلُّهُمْ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي الْفِقْهِ>… وَمَنْ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِتَصْنِيفِ مَا فَرَّعَهُ أَبُو حَنِيفَة ( ) رَحِمَهُ اللهُ: محمد بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ، فَإِنَّهُ جَمَعَ الْمَبْسُوطَ لِتَرْغِيبِ الْمُتَعَلِّمِينَ، وَالتَّيْسِيرِ عَلَيْهِمْ بِبَسْطِ الأَلْفَاظِ وَتَكْرَارِ الْمَسَائِلِ فِي الْكُتُبِ لِيَحْفَظُوهَا شَاؤُُوْا أَوْ أَبَوْا، إلى أَنْ رَأَى الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ؛ أَبُو الْفَضْلِ محمد بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيُّ رَحِمَهُ اللهُ إعْرَاضاً مِنْ بَعْضِ الْمُتَعَلِّمِينَ عَنْ قِرَاءَةِ الْمَبْسُوطِ لِبَسْطٍ فِي الأَلْفَاظِ، وَتَكْرَارٍ فِي الْمَسَائِلِ، فَرَأَى الصَّوَابَ فِي تَأْلِيفِ الْمُخْتَصَرِ؛ بِذِكْرِ مَعَانِي كُتُبِ محمد بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ الْمَبْسُوطَةِ فِيهِ، وَحَذَفَ الْمُكَرَّرَ مِنْ مَسَائِلِهِ تَرْغِيباً لِلْمُقْتَبِسِينَ وَنِعْمَ مَا صَنَعَ. [قَالَ] الشَّيْخُ الإِمَامُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ثُمَّ إنِّي رَأَيْتُ فِي زَمَانِي بَعْضَ الإِعْرَاضِ عَنِ الْفِقْهِ مِنْ الطَّالِبِينَ لأَسْبَابٍ؛ فَمِنْهَا: قُصُورُ الْهِمَمِ لِبَعْضِهِمْ حَتَّى اكْتَفَوْا بِالْخِلافِيَّاتِ مِنْ الْمَسَائِلِ الطِّوَالِ، وَمِنْهَا: تَرْكُ النَّصِيحَةِ مِنْ بَعْضِ الْمُدَرِّسِينَ بِالتَّطْوِيلِ عَلَيْهِمْ بِالنِّكَاتِ الطَّرْدِيَّةِ الَّتِي لا فِقْهَ تَحْتَهَا، وَمِنْهَا: تَطْوِيلُ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِذِكْرِ أَلْفَاظِ الْفَلاسِفَةِ فِي شَرْحِ مَعَانِي الْفِقْهِ، وَخَلْطِ حُدُودِ كَلامِهِمْ بِهَا. فَرَأَيْتُ الصَّوَابَ فِي تَأْلِيفِ شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ؛ لا أَزِيدُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُؤْثَرِ فِي بَيَانِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ؛ اكْتِفَاءً بِمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي كُلِّ بَابٍ، وَقَدْ انْضَمَّ إلى ذَلِكَ سُؤَالُ بَعْضِ الْخَوَاصِّ مِنْ زَمَنِ حَبْسِي، حِينَ سَاعَدُونِي لأُنْسِي، أَنْ أُمْلِيَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَجَبْتهمْ إلَيْهِ. وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى التَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ، وَالْعِصْمَةَ عَنْ الْخَطَأِ وَمَا يُوجِبُ الْعِقَابَ، وَأَنْ يَجْعَلَ مَا نَوَيْتُ فِيمَا أَمْلَيْتُ سَبَباً لِخَلاصِي فِي الدُّنْيَا، وَنَجَاتِي فِي الآخِرَةِ إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ. |
آخره |
… أَلا تَرَى: أَنَّ عَبْدَ الرِّقِّ، وَاخْتِلافَ الدِّينِ وَالنَّسَبَ ثَابِتٌ، وَلا مِيرَاثَ؟ وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الأَخَوَيْنِ بِأَخٍ آخَرَ؛ فَالشَّرِكَةُ فِي الْمِيرَاثِ ثَابِتَةٌ، وَلا نَسَبَ. وَمَا كَانَ طَرِيقُ ثُبُوتِهِ الضَّرُورَةُ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْجُمْلَةُ. فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ يَنْفَصِلُ عَنْ الآخَرِ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْمِيرَاثُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ ابْنُ الْمَيِّتِ بِدَعْوَةِ الرَّجُلِ، وَقَدْ احْتَلَمَ؛ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا جَمِيعاً مِنْهُ؛ لأَنَّهُ فِي هَذَا التَّصْدِيقِ قَائِمٌ مَقَامَ أَبِيهِ، وَثُبُوتُ نَسَبِ أَخِيهِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ نَسَبِ الآخَرِ ضَرُورَةً، وَيَرِثُ مَعَهُ الرَّجُلُ؛ لأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمِيرَاثِ لَهُ، وَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ سُدُساً مِنْ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ خُمُسُ مَا فِي يَدِهِ لِلأَبِ فَيُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ أَمَةً وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ؛ فَاشْتَرَى رَجُلٌ أَحَدَهُمَا، وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَوَرِثَهُ مَوْلاهُ، ثُمَّ اشْتَرَى رَجُلٌ آخَرُ الابْنَ الْبَاقِي مَعَ أُمِّهِ فَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ؛ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيراً لا يُقِرُّ بِذَلِكَ، لأنهُ عَبْدٌ لَهُ، فَلا حَاجَةَ إلى تَصْدِيقِهِ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْهُ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمَيِّتِ أَيْضاً مِنْهُ، وَلا يَكُونُ لَهُ الْمِيرَاثُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ اسْتِحْقَاقُ الْمَالِ. وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا الْفَصْلَ إيضَاحاً لِمَا سَبَقَ، فَإِنَّا لَوْ قُلْنَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ عَلَى الْمَوْلَى بِهَذَا الطَّرِيقِ؛ كَانَ يَقْدِرُ كَوَاحِدٍ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَوْلَى عَنْ الْمِيرَاثِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ، بِأَنْ يَشْتَرِيَ الابْنَ الآخَرَ فَيَدَّعِيَ نَسَبَهُ، وَهَذَا بَعِيدٌ؛ وَفِيهِ مِنْ الضَّررِ مَا لا يَخْفَى، فَقُلْنَا: لا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ، وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُ الآخَرِ مِنْهُ ضَرُورَةً. |
الوضع العام |
خطّ النسخ الواضح المضبوط بالحركات من أوله إلى آخره، والعناوين وكلمة قال مكتوبة باللون الأحمر، والصفحة الأولى مذهبة وملونة، وتوجد تصحيحات على الهوامش، وقد تركت فراغات لبعض الكلمات في بعض الصفحات في أوله كي تُكتب باللون الأحمر. والغلاف جلد عثماني، وقف راغب پاشا. رقم السي دي: 51538. |